منبر كل الاحرار

الوحدة اليمنية .. صنعها سالمين والحمدي ووقعها البيض وقتلها صالح و الأحمر وذبحها التحالف.

الجنوب اليوم |  تقرير خاص 

 

تحل اليوم الذكرى التاسعة والعشرين لإعادة تحقيق الوحدة اليمنية في الثاني والعشرين من مايو 1990م ، والتي كانت يوم ذاك تحولاً دراماتيكيا على مستوى المنطقة والعالم ، ساعد في تحقيقه أنهيار الإتحاد السوفيتي من جانب وتوافق قيادات الشطرين على توحيد الشمال والجنوب في دولة واحدة باسم الجمهورية اليمنية ، ذلك التحول السياسي أزعج السعودية والإمارات اللاتي كن ينظرن لليمن على أنها حديثة خلفية وخصوصاً السعودية التي اعتبرت أعادة تحقيق الوحدة عقبة كأداء أمام مصالحها وأطماعه في اليمن .
ذلك الإنجاز لم يكن مطلباً شمالياً سياسياً خالصاً وانما كان إستكمال لوحدة الشعب اليمني في الشمال والجنوب ، فأبناء الجنوب والأنظمة التي تعاقب على حكم الجنوب منذ مطلع سبعينيات القرن الماضي كانت الوحدة اليمنية أحد أهم أهدافها ، ونفس المطلب كان شعبياً ، فدولة الجنوب كانت ترفع شعار سنعمل على تحقيق الخطة الخمسية والوحدة اليمنية بينما كان الشمال يرفض الوحدة ، فاقدم الجنوب على إحياء المشاعر الوحدوية في أوساط أبناء الشمال وصعدت مطالب الحركات الوحدوية في عدد من المناطق الشمالية للضغط على سلطة صنعاء التي كانت ترفض الوحدة في بداية الأمر وصولاً إلى تفجرت الأوضاع عسكرياً بين المطالبين بالوحدة بقيادة الجبهة الوطنية وسلطة صنعاء لعدة سنوات.
بعد أعادة تحقيق الوحدة اليمنية أقدم نظام صالح على الإلتفاف على الحزب الاشتراكي اليمني وآمينه العام الرئيس علي سالم البيض الذي قبل بمصب نائب الرئيس ، وفي خطوة التفافية أقدم صالح على تأسيس حزب الإصلاح لإيجاد تيار ثالث يرجح كفته في الإنتخابات وهو ما حدث في أول إنتخابات برلمانية عام 1993م حين حسم صالح الأمر لصالحة ليتولى الرئاسة ويتجه نحو تهميش وتصفية القيادات الجنوبية في الشمال وقبل أن يعلن الحرب على الجنوب في الـ 27 من أبريل 1994م من ميدان السبعين بصنعاء وتنكر لأي شراكه معلناً بشعار الوحدة أو الموت ، كان قبل ذلك قد أتفق مع الإصلاح ومع الجنرال علي محسن الأحمر على تقاسم السلطة على أن يخوض الإصلاح بكل ثقلة العسكري الحرب لإحتلال الجنوب ، ولم يكن أمام القيادة الجنوبية سوى إعلان الإنفصال رداً على إستهداف عدد من المعسكرات الجنوبية التي لم تكن حينها قد تم دمجها في عمران وذمار والبيضاء من قبل قوات صالح والإصلاح ، وبعد حرب طاحنة أحتل صالح والإصلاح المتطرف الجنوب ،
وبعد إجنتاح الجنوب اقدم على استلاب ثرواته، وشن عقب حرب صيف 94 شن حرب باردة علي أحرار الجنوب واهله , فقد قام نظام صالح والإصلاح خلال الفترة 1994ـ 1997م بفصل موظفي الجنوب في مختلف مؤسسات الدولة ،. ورغم المعاناة التي تسبب بها جنرال الحرب صالح ورفيقه على محسن الاحمر بحق شعب الجنوب , الإ انه واصل ومعه على محسن الأحمر وعبدربه منصور هادي الذي رقاه صالح مكافئاً إياها على دورة في قتل الجنوبين ، عملية التنكيل بالجنوبيين دون ذنب واستخدم وسائل الترهيب والتهديد والوعيد بحق كل من يرفص جبروته وممارساته الإقصائية بحق الجنوب .
ونتيجة الظلم والتجويع الذي ممارسة صالح ونظامه وشركائه الإصلاح ومحسن وعبد ربه انفجر الشارع الجنوبي في عام 2007 تمرد أبناء الجنوب على الصمت وأعلنوا انطلاق ثوره التحرر من الإستبداد الصالحي خرج الرجال والنساء والاطفال إلى الشوارع العامة في عدن وشبوة وأبين بقيادة المسرحين العسكريين من أعمالهم قسرياً مطالبين بحقوقهم المشروعة رئيس محتل , إلا انه واجه تلك المطالب بالعنف والاعتقالات.
ونتيجة ذلك قاوم الشعب الجنوبي وارتفعت المطالب فك الارتباط بنظام 7/7 سيكون أقل كلفه من البقاء في وحدة مغدوره .. وفعلا انطلق الجنوبيين نحو التحرر من الإستعمار الصالحي بثبات ولازالوا حتى اليوم رغم محاولة الإمارات تفكيك الحراك وصنع كيانات موالية لها باسم الجنوب تروض الشارع الجنوبي للاحتلال , وعلى مدى فترة النضال الجنوبي ضد نظام 7/7 سقط اكثر من اكثر من ١٣٠٠ شهيد جنوبي منذ ٢٠٠٧ واكثر من ١٠٠٠٠ جريح وأسير و اكثر من ٥٠٠٠٠ جنوبي تم اقصائهم وتسريحهم من وظائفهم في عهد صالح .

الدور السعودي

لم تكن مطامع السعودية في اليمن جديدة وان تصاعدت بعد الوحدة اليمنية، بل تعود إلى ستينات القرن الماضي فبينما كانت «الجبهة القومية» تقاوم الاحتلال البريطاني في سبيل الاستقلال الذي تحقق في الـ 30 من نوفمبر 1967، كانت السعودية تقوم بتحقيق مكاسب على أرض جنوب اليمن قبل الاستقلال.
«الجبهة القومية الجنوبية» التي اتخذت الكفاح المسلح خياراً وحيداً لمقاومة المحتل البريطاني حتى نيل الاستقلال في جنوب اليمن، كان من أبرز أهدافها طرد المستعمر الأجنبي وإسقاط الحكم السلاطيني، واسترجاع الأراضي والثروات المسلوبة وتحقيق وحدة الشعب في إقليم اليمن. تلك الأهداف وجدت فيها السعودية خطراً سيداهمها في حال نيل الاستقلال في الجنوب، فعمدت خلال فترة الكفاح المسلح في الجنوب ضد الإنجليز إلى توطيد تواجدها العسكري في شرورة اليمنية وفي الوديعة التي تقع في حدودها الشمالية لحضرموت، بعد أن ضمتها بريطانيا أثناء ترسيم حدود الجنوب مع السعودية مطلع ستينات القرن الماضي إلى الجنوب، ورفضت الاعتراف باي وجود سعودي فيها.
ولعل قصة عاصفة الحزم تعود إلى عهد أول رئيس جنوبي ، قحطان الشعبي حينما أقدمت السعودية على ضم مناطق جنوبية والحاقها وذلك بعد فترة قليلة من قيام دولة الجنوب التي كانت الوحدة اليمنية احدى أهدافها ، حيث طلبت الرياض بعد أشهر من استقلال الجنوب ترسيم الحدود بينهما وتحديداً في شرورة والوديعة ورغم مساعي عدن واستعدادها لحل الخلاف سياسياً واعلانها تشكيل لجنة يمنية جنوبية ـ سعودية لبحث موضوع الحدود بين البلدين، إلا أن مطالب السعودية كانت بضم شرورة إلى أراضيها، فتصاعدت الخلافات لتندلع أول حرب جنوبية مع السعودية في 27 نوفمبر 1969، حينما أقدمت قوات جنوبية على مهاجمة «مركز الوديعة الحدودي» الذي استحدثته السعودية في عمق الأراضي اليمنية ، وتقدمت تلك القوات باتجاه شروره لاستعادتها وتجاوزت منطقة قرن الوديعة لتصل إلى مشارف مدينة شروره، إلا أن السعودية اعتبرت الحرب «ماركسية»، واستعانت بـ«الإسلاميين» لمساندة قواتها.وبقيادة الملك الحالي سلمان بن عبدالعزيز أعلنت عاصفة الحزم على العملية العسكرية التي سيطرت فيها على الوديعة ومناطق واسعة في شرورة خلال مواجهات عسكرية استمرت عدة أيام واخضعتها بالقوة لسيطرتها .

الحمدي وسالمين

وخلال فترة الرئيس إبراهيم الحمدي، الذي كاد أن يعلن الوحدة مع الرئيس سالم ربيع علي سالمين، في الـ 12 من أكتوبر 1977، أي قبل يوم من اغتيال الحمدي المدبر من قبل السعودية ، وقفت السعودية وراء تصفية الرئيسين وفي مطلع تسعينيات القرن الماضي الذي تحققت فيه الوحدة بقيادة الرئيس السابق علي سالم البيض في 22 مايو 1990 وعلى عبدالله صالح ثار جنون الرياض التي بذلت كافة الجهود لإفشال الوحدة لما تشكله من تهديدٍ على مصالحها ومطامعها في اليمن ، ولذلك كان موقف الرياض مع الانفصال في حرب صيف 1994 واضحاً، ولاتزال الرياض تقف في صف مناهض للوحدة حتى اليوم بطرق مباشرة وغير مباشرة.
وبعد الحرب الظالمة تعمدت السعودية ضم أراضي جنوبية واسعة كانت تابعة لحضرموت ومحافظتي المهرة النفطيتين وتلحقها بارضها ونتيجة توغلها المستمر في عشرات القرى الواقعة على حدودها الشرقية كادت أن تندلع حرب سعودية-يمنية في ديسمبر عام 1994، أثناء قيام قوات سعودية باستحداث نقاط ومواقع في منطقة الخراخير التابعة للمهرة والتي أصبحت اليوم سعودية بالكامل، والتمدد في شروره التابعة لحضرموت، إلا أن تدخل سوري ومصري حينذاك مع قيادة البلدين نزعت فتيل التوتر.
سياسة الضم والإلحاق السعودية تجاه اليمن، ومطامعها الاستعمارية، انكشفت اليوم بجلاء، فالرياض لم تكتفِ بضم عشرات المناطق المهرية إلى ارضيها وإلحاق مناطق واسعة في الربع الخالي، وفي مناطق تابعة لحضرموت لأراضيها، بل تسعى اليوم للسيطرة على محافظة المهرة بشكل كامل تحت أكثر من ذريعة كذريعة مكافحة التهريب، وإعادة الأعمار، ومساعدة المتضررين من إعصار «لبان» الذي ضرب المهرة الشهر الماضي، مستخدمة القوة ضد أبناء المحافظة الرافضين لوجودها العسكري على أراضيهم. ويشار إلى أن الوجود الإماراتي قابل للرحيل بأي لحظة بقوة إرادة احفاد ثوار أكتوبر ونوفمبر ولكن التوغل السعودي أخطر بكثير بحكم الجيرة، فالرياض تسعى لاحتلال أبدي في ارض الجنوب.

دور الإمارات

ميناء عدن وموانئ البحر العربي وثرواتها كانت محل أطماع
الإمارات التي أستغلت تفكك الدولة في اليمن ودخلت في شراكة مع الرياض في حربها على اليمن ولأجندة إماراتية سعت إلى التدخل في الجنوب وإحتلاله بالتقاسم مع السعودية ، وهو ما يؤكد أن المطامع السعودية الإماراتية التقت في الجنوب وليس في الشمال ، الدور تكشف بجلاء منذ مايو/ أيار 2017، حينما أقدمت على دعم محافظ عدن السابق عيدروس الزبيدي وتوجيهه بتأسيس المجلس الانتقالي الجنوبي ككيان جنوبي وانشاء مليشيات عسكرية جنوبية موالية لها ،وتحت شعار الدولة الجنوبية والقضية العادلة استقطب الألاف من الجنود وحولتهم إلى أدوات تابعة لها تنفذ بهم اجندتها وتدفع بهم إلى جبهات القتال لتعزيز نفوذها وتأمين مصالحها التي سيطرت عليها بالقوة في الجنوب ، وكانت صحيفة “جارديان” البريطانية قد أعدت في ديسمبر/ كانون الأول 2018، تقريرا بعنوان “اليمن على شفير الهاوية: كيف تستفيد الإمارات من فوضى الحرب الأهلية”، قالت فيه: “أدى التدخل الخارجي خاصة الإمارات لتحويل النزاع إلى حروب ومناوشات محلية داخل حرب واحدة”. وأضاف التقرير: إن “الإماراتيين أقاموا معسكرات وقواعد عسكرية، وأقاموا دولة موازية بقواتها الأمنية وغير تابعة للحكومة اليمنية”.
ونقلت الجارديان، عن قادة من المجلس الانتقالي الجنوبي: “لدينا الآن جيش ونسيطر على الجنوب، ولدينا حليف إقليمي معنا، في إشارة للإمارات”، ونقل الموقع عن قائد المجلس الانتقالي قوله: “لم نكن أقوياء بهذه الدرجة في الجنوب”، مضيفا: “يقول الناس إننا لعبة بيد الإماراتيين مثل الريموت كونترول، ولكن الإماراتيون ليسوا جمعية خيرية، طبعا لديهم مصالحهم”.
وفي يوليو 2017 نشر موقع “ميدل إيست آي” البريطاني، تقريرا كشف فيه عن دعم الإمارات للجنوبيين، وأضاف أنّ الكتلة الجنوبية في اليمن المدعومة من الإمارات لا تواجه الانقسام فحسب، بل هي خطر حقيقي على الصراع الداخلي.
وعقب دخول الإماراتيين إلى عدن، مارست الانفصال على الأرض فطردت السلطات التابعة لها في عدن الشماليين وفرضت إجراءات مشددة على المنافذ الرابطة بين المحافظات الجنوبية والشمالية، وتمكنت من تهميش أي وجود لحكومة هادي التي جاءت للقتال باسم استعادة شرعيتها، وامتدت السيطرة الإماراتية على الجنوب إلى منع الرئيس هادي من العودة إلى عدن؛ لضمان عدم الحيلولة دون تنفيذ أجندتها في الجنوب.
والغريب في الأمر أن هادي في كلمته بمناسبة الذكرى الـ29 للوحدة اليمنية تجاهل الحديث عن الإنقلاب الكبير والمكشوف الذي تقودة الامارات علية ، واستهدف الحوثيين فقط ، وكأن الجنوب تحت سيطرة حكومته ، وهو ما يعد مباركة لتفكيك اليمن وتقاسم ثرواتها بين دول التحالف .

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com