منبر كل الاحرار

هل لويت ذراع الإمارات باليمن أم دشنت مناورة جديدة بدعم سعودي؟

الجنوب اليوم  | صحافة

 

بعد أربع سنوات من الحرب في اليمن تبدو خطوط المواجهة قد تحولت نحو بوصلة جديدة، فبينما كان أساس الحرب يتجه نحو تحرير العاصمة صنعاء من الحوثيين، أصبحت المعركة الجديدة تتجه نحو تقسيم البلاد بدعم الإمارات، وتجاهل سعودي لنوايا أبوظبي، أو توافقها ضمنياً مع اختلاف في آلية التنفيذ.

كان قرار دولة الإمارات العربية المتحدة بسحب قواتها من اليمن مناورة تكتيكية في مشهد إقليمي يشهد العديد من التحديات الاستراتيجية التي تطرحها، وكان هدفها الرئيسي هو إضفاء الشرعية على انقلاب جديد على الشرعية في اليمن، بدعم رسمي منها، وتنفيذ فصيل مسلح جنوب البلاد.

ومع تسارع الأحداث جنوب اليمن، وإزاء الموقف السعودي المتناقض، والرفض الحكومي اليمني لأي انقلاب جديد عليها، وجدت الشرعية اليمنية نفسها في مواجهة التحالف الذي استدعته لمساندتها، وضغط تمارسه شقيقتها السعودية للخضوع للأمر الواقع الذي فرضته أبوظبي.

تناقض سعودي

في الـ5 من سبتمبر الجاري، فتح بيان السعودية بشأن التمرد الذي يقوده انفصاليون جنوبيون بدعم من الإمارات على الحكومة اليمنية، في عدن جنوباً، الباب أمام تساؤلات عدة حول ما ورد فيه، ودلالة توقيته.

 

جاء البيان السعودي الذي أكد دعمه للحكومة الشرعية ورفضه أي بديل عنها، بعد أيام من شكوى يمنية رسمية ضد الإمارات لمجلس الأمن، عقب استهداف طيرانها قوات الجيش في زنجبار وعدن، وهو ما أورده الرئيس عبد ربه منصور هادي في بيان عقب العملية.

وبينما كان كثيرون يعتبرون البيان رسالة للإمارات بشأن دعمها للانفصاليين، خرج بيان جديد لطرفي التحالف السعودي الإماراتي، وصف ما حدث في عدن بين الحكومة اليمنية والانتقالي بـ”الفتنة”.

ويشير الباحث السياسي الجنوبي شفيع العبد، في تغريدة له على “تويتر”، إلى أن ما يحدث هو “إسهال البيانات، بيان يناقض الآخر، بل وينسف مضامينه نسفاً، بينما المعطيات على الأرض تفضح استمرار الانحرافات الإماراتية بغطاء تحالف عربي يعمل خارج الأهداف المعلنة التي جاء من أجلها”.

وقال الصحفي اليمني أحمد الشلفي إن الدعوة إلى وقف أي نشاطات “إرهابية” في بيان الرياض أبوظبي المشترك، دون تحديد ماهية تلك النشاطات، “هي اعتراف من السعودية ببيان أبوظبي بشأن قصف الجيش اليمني من قبل الطيران الإماراتي وإقرار منها بصحة الرواية الإماراتية حول قصفها إرهابيين بقية البيان جمل مكررة”.

الإمارات تناقض نفسها!

ورغم أن الحكومة اليمنية وجهت اتهامها بشكل مباشر للإمارات بالوقوف وراء انقلاب عدن وقصف الجيش اليمني، ناقض البيان الجديد الذي صدر في 9 سبتمبر الجاري تلك الاتهامات، وقال: “إن السعودية والإمارات عملتا وبتنسيق وثيق مع مختلف الأطراف على متابعة الالتزام بالتهدئة ووقف إطلاق النار، والتهيئة لانطلاق الحوار بشكل بنّاء يساهم في إنهاء الخلاف ومعالجة آثار الأزمة”.

وبالرغم من وصف الإمارات للجيش اليمني بـ”القوات الإرهابية”، بما يوجه اتهاماً مباشراً للحكومة بدعمها للإرهاب، قال بيان أبوظبي والرياض إنهما يؤكدان “استمرار دعم الحكومة الشرعية في جهودها الرامية للمحافظة على مقومات الدولة اليمنية وهزيمة المشروع الإيراني ودحر المليشيا الحوثية والتنظيمات الإرهابية في اليمن”.

البيان الذي دعا إلى “التوقف بشكل كامل عن القيام بأي تحركات أو نشاطات عسكرية، أو القيام بأي ممارسات أو انتهاكات ضد المكونات الأخرى أو الممتلكات العامة والخاصة”، جاء معاكساً لما يحدث على الأرض، حيث ذكرت مصادر لـ”الخليج أونلاين” أن عشرات المدرعات والآليات العسكرية وصلت خلال الساعات والأيام الماضية إلى عدن، قادمة من الإمارات.

وأكدت المصادر أن وصول تلك الآليات العسكرية جاء بالتزامن مع أعمال نهب تقوم بها القوات الموالية للإمارات في عدن، واستمرار اعتقال العشرات من المدنيين والمؤيدين للحكومة اليمنية، وعملية تصفيات واسعة لقوات تابعة للرئيس اليمني.

موقف متردد من حكومة اليمن

كان الموقف الحكومي اليمني منذ انقلاب المجلس الانتقالي الجنوبي، في 10 أغسطس الماضي، بعدن، رافضاً لأي تفاوض مع ذلك المجلس المدعوم من الإمارات، وقالت مراراً إنها لن تفاوض إلا من موّل ذلك الانقلاب، في إشارة إلى أبوظبي.

ومع الحديث عن بدء مفاوضات في جدة، خرجت الحكومة اليمنية ببيان، في الـ4 من سبتمبر الجاري، وقالت إنه “لا وجود لأي شكل من أشكال الحوار حتى الآن مع المجلس الانتقالي الجنوبي، ولا تفاوض حول سلامة وسيادة ووحدة اليمن”.

وأضاف الناطق باسم الحكومة اليمنية، راجح بادي، في تصريح صحفي: “وجود قيادات الدولة في مدينة جدة يأتي في سياق توجيهات الرئيس عبد ربه منصور هادي وضمن التواصل المستمر مع قيادة المملكة العربية السعودية للوقوف على أحداث التمرد الأخيرة بعدن وبعض المحافظات الجنوبية، والتي وصلت ذروتها بقصف الطيران الإماراتي لمواقع الجيش الوطني في عدن وأبين”.

لكن عقب البيان الأول للسعودية الذي أعلنت فيه وقوفها إلى جانب الشرعية ورفضها للانقلاب، رحبت الحكومة اليمنية بذلك البيان، وأبدت استعدادها الكامل لما دعت إليه المملكة.

 

وكان واضحاً أن بيان الحكومة اليمنية لم يذكر الإمارات أو يهاجمها، ومن ثم رجح كثيرون بأن حكومة الرئيس هادي تتعرض لضغوط كبيرة من الرياض، وهو ما دفع اليمنيين إلى تدشين وسم في وسائل التواصل الاجتماعي تحت اسم “أفرجوا عن الرئيس هادي”، الذي قالوا إنه تحت الإقامة الجبرية بالرياض.

تخاذل السعودية

ويؤكد الباحث والكاتب اليمني عادل دشيلة أن البيان السعودي الإماراتي المشترك ألغى البيان السعودي الأحادي، مشيراً إلى أنه “أكد بطريقة غير مباشرة أن المجلس الانتقالي طرف وعلى الحكومة اليمنية الاستماع له”.

ويشير دشيلة، في اتصال مع “الخليج أونلاين”، إلى أن البيان “وازى بين التمرد والدولة، مما يعني أن الخطوات القادمة للتحالف قد تضر بالدولة اليمنية برمتها”.

وأضاف: “هناك تفسيران للبيان السعودي الإماراتي المشترك اليوم، إما أن التيار الذي يؤيد الإمارات في الديوان الملكي السعودي قوي ولذلك يجهض كل ما يصب في مصلحة الحكومة اليمنية، وينتصر للإمارات في نهاية المطاف، أو أن هناك خلافاً سعودياً إماراتياً على الطريقة في تنفيذ الهدف”.

وتابع: “كل يوم يتخبط الطرفان ويصدران البيان تلو الآخر، والحكومة اليمنية هي المتضرر الأكبر من كل ما يحدث”.

وأكد أن الإمارات “تحتمي بالتحالف العربي لتمرير أهدافها في المحافظات الجنوبية، ولا يُستبعد أن ينتصر مشروعها في نهاية المطاف ما لم يتم طردها من التحالف اليوم قبل الغد”.

مناورة إماراتية

ويؤكد الخبير الاستراتيجي اليمني محمد الحسيني، ما طرحه دشيلة حول تمرير مشروع إماراتي في اليمن، وقال إن السعودية أصبحت تمثل سياسات الإمارات باليمن، مشيراً إلى أن “الهدف من البيان السعودي الإماراتي، إثبات تطابق موقف البلدين من الحرب في اليمن بصفة عامة والجنوب بصفة خاصة”.

وأكد، في حديثه لـ”الخليج أونلاين”، إلى أن الإمارات استطاعت أن تنجح في مناورتها من خلال تصوير ما حدث في عدن بأنها خلافات بين “طرفين متصارعين يتمثلان بحكومة هادي والانتقالي الجنوبي، وخرجت من المشهد وكأنها لم تكن هي الطرف الرئيسي بما حدث”.

وأضاف: “البيان بالواقع صدر من أبوظبي ولم يكن للسعودية قرار فيه، وكأنه يؤكد أن المجلس الانتقالي الجنوبي أصبح في حكم سلطة الأمر الواقع في الجنوب”.

ويضيف لـ”الخليج أونلاين”: “ما كان للإمارات أن تجرؤ على أن تعلن حربها الوقحة على اليمنيين بهذه البجاحة فتقتل 300 جندي بطريقة وحشية وتدعم مليشيات وترسل لهم السلاح والعتاد، لولا امتلاكها ضوءاً أخضر من السعودية”.

ورأى أن الإمارات ستحقق ما تخطط له منذ سنوات، في حال دخلت الحكومة اليمنية في مفاوضات مع الانتقالي، لأن ذلك “سيجعله الحاكم في الجنوب مثل الحوثيين في صنعاء، وسنشهد أكبر تشظٍّ للبلاد”.

المصدر/ الخليج أونلاين

 

 

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com