منبر كل الاحرار

المخا.. أدوات وصراعات متعددة وحسابات إقليمية فوق الجميع

الجنوب اليوم | تقرير

 

تتعدد الصراعات في المخا، المدينة الساحلية جنوب غرب تعز بتعدد الأدوات والجهات الدولية الإقليمية الداعمة والممولة لها، الأمر الذي حول المنطقة إلى موقع صراع إقليمي نظراً لأهميتها الاستراتيجية ليس من اليوم فحسب بل على مر التاريخ نظراً لوقوعها على طريق التجارة العالمي منذ القدم ولبقائها محتفظة بهذا الموقع حتى اليوم مع عودة إحياء الصين للطريق التجاري القديم.

ولم تكن الحرب على اليمن إلا واحدة من تداعيات هذا الصراع بين الشرق ممثلاً بالصين وروسيا والغرب ممثلة بالولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا وحالياً إسرائيل، ولهذا فإنه ليس من الغريب أن نجد الصراع المحموم على النفوذ والسيطرة على منطقة الساحل الغربي لليمن وتحديداً الجزء الجنوبي منه نظراً لما ستمثله المنطقة من أهمية استراتيجية تكسب من يسيطر عليها المزيد من القوة وأوراق الضغط على المستوى الإقليمي والدولي.

وللأسف فقد وجدت الأطراف الإقليمية في الداخل اليمني من يتبنون العمل كأدوات منفذة فقط لصالح هذه الأطراف، فطارق صالح الذي انشق عن صنعاء بعد أحداث ديسمبر 2017 بعد أن غدر بعمه وتركه لمصيره في صنعاء الذي انتهى بالقتل، أوكلت له الإمارات مهمة البقاء والتمركز في المخا والتأسيس لواقع ديمغرافي جديد بحيث يتم من خلاله إحلال الموالين للإمارات من المنتمين للمؤتمر الشعبي العام كبديل عن المواطنين الأصليين المنتمين لمنطقة تهامة.

غير أن سيطرة طارق صالح في المخا أتت على حساب الدماء التي سالت من قبل المقاتلين الجنوبيين السلفيين الذين كانوا الأداة السابقة التي استخدمتها أبوظبي لمعاركها ضد الحوثيين في الساحل الغربي بدءاً من باب المندب وذوباب ووصولاً إلى مدينة المخا وموزع والوازعية جنوب تعز، وهو ما مثل ضربة موجعة للسلفيين الجنوبيين الذين تفاجأوا بتوجه أبوظبي القاضي بإبقائهم جنوداً لدى طارق صالح والذي كان إلى وقت قريب عدوهم، كما أتت سيطرة طارق على حساب أصحاب الأرض أنفسهم من أبناء تهامة الموالين للتحالف والمحسوبين على الإصلاح والذين كانوا يقاتلون باسم قوات هادي وجيشه.

غير أن النفوذ الإماراتي على الساحل الغربي لم يكن مكتملاً إذ شعرت أطراف يمنية أخرى تعتبرها أبوظبي عدوها اللدود، محتفظة بتشكيلات عسكرية في تلك المنطقة وعلى الرغم من أن هذه التشكيلات كانت عبارة عن مقاتلين عقائديين يتبعون حزب الإصلاح – الإخوان المسلمين – إلا أن هيمنة الأخيرة على وزارة الدفاع بحكومة هادي المنفية جعلت من هؤلاء المقاتلين جزءاً من جيش الشرعية المعرف بها، على عكس المقاتلين التابعين لطارق صالح غير المعترفين بهادي وغير الخاضعين لوزارة دفاعه.

ومع احتدام الصراع الإقليمي على هذه المنطقة، خاصة مع دخول تركيا على الخط، وجدت الأخيرة فرصة في أن تستغل احتضانها لقيادات حزب الإصلاح في بلادها لصالح بسط نفوذها العسكري على منطقة جنوب البحر الأحمر، لتصبح بعد ذلك ما تعرف بقوات المقاومة التهامية طرفاً محلياً محسوباً على تركيا وحليفتها قطر.

الانقسام في المجلس الانتقالي الجنوبي الموالي للإمارات انعكس أيضاً على وضع الوية العمالقة المحسوبة على الانتقالي والمنتشرة في الساحل الغربي، والتي انقسمت فيما بينها بين محسوب على تيار الضالع ويافع وآخرين محسوبين على تيار جنوبي آخر داخل الانتقالي مناهض لهيمنة الضالع على المجلس واحتكارهم المناصب القيادية لهم فقط.

وهناك أيضاً صراع آخر بين المقاتلين الموالين للإمارات غير أن هذا الصراع مناطقي أكثر منه عقائدي، فالقيادي السلفي المعروف باسم أبو العباس والذي ينتمي لمحافظة تعز، خاض صراعاً ولا يزال مع السلفيين الجنوبيين التابعين لألوية العمالقة في الساحل الغربي.

وتظل تفاصيل الصراع في المخا والساحل الغربي عموماً معقدة نظراً لتعقيدات الصراع الإقليمي برمته، غير أنه ومع وجود هذا الكم الكبير من الأدوات المحلية التي تعمل لصالح الأطراف الإقليمية إلا أن مراقبين يجزمون أن الذي سينتصر في نهاية المطاف هو الطرف صاحب الأرض وهي القوات التهامية حتى وإن كانت محسوبة على تركيا وقطر، الأمر الذي سيعزز من قدرة الإصلاح على السيطرة على المخا بسهولة خصوصاً بعد أن أحكم قبضته على المرتفعات الجبلية غرب تعز والمطلة على الساحل الغربي وباب المندب.

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com