قال محللون إن هجوم الحوثيين بطائرات مسيرة وصواريخ على الإمارات كشف ضعف البلاد، كما عرّض سمعتها كمركز للسياحة والأعمال للخطر ودفعها نحو التقارب مع إيران.

واستهدف الهجوم، يوم الاثنين، منشأة نفطية رئيسية في أبو ظبي، مما أسفر عن مقتل ثلاثة أشخاص، وتسبب أيضًا في حريق بمطار أبو ظبي الدولي.

وأشاد يحيى سريع المتحدث العسكري باسم الحوثيين بالهجوم ووصفه بأنه “عملية عسكرية ناجحة” وحذر من أنهم قد يستهدفون المزيد من المنشآت في الإمارات التي كانت جزءًا من تحالف عسكري تقوده السعودية يقاتل الجماعة في اليمن.

وتسببت الحرب المستمرة منذ سنوات في مقتل عشرات الآلاف ودفعت البلاد نحو كارثة إنسانية.

وشنت السعودية، الثلاثاء، غارات جوية على العاصمة اليمنية صنعاء أسفرت عن مقتل أكثر من عشرة أشخاص، فيما أعلن الحوثيون عن مقتل 20 شخصا في الهجمات.

بينما نفى المستشار الرئاسي الإماراتي أنور قرقاش أن الهجوم “الشنيع” يمكن أن يؤثر على استقرار البلاد وأمنها، يقول محللون إن الحادث يكشف حقيقة مختلفة تمامًا.

وقال أندرياس كريج، المحاضر البارز في كلية الدراسات الأمنية في كينجز كوليدج لندن: “هذا الهجوم يعيد تذكير الإمارات أنهم كانوا يلعبون لعبة قوة عظمى في المنطقة”.

وذكر كريج أن ذلك جعل الدولة الخليجية تدرك أنها “بعد كل شيء دولة صغيرة بها الكثير من نقاط الضعف”.

وأضاف “هذا [الحدث] هو أكبر ضرر يلحق بسمعة الإمارات لأنهم صوروا أنفسهم دائمًا على أنهم دولة آمنة للقيام بأعمال تجارية”.

ووافق مارك أوين جونز، الأستاذ المساعد لدراسات الشرق الأوسط بجامعة حمد بن خليفة كريج بقوله إن: “الهجوم يقوض سمعة الإمارات تمامًا كمكان للاستقرار خاصة فيما يتعلق بالسياحة والتمويل والتجارة، لكنه بشكل حاسم يلقي بظلال من الشك على قدرتهم على بناء محطة للطاقة النووية”، في إشارة إلى طموحات الإمارات في مجال الطاقة النووية.

لعنة الحرب على اليمن تطارد الإمارات

وتحملت السعودية وطأة الهجمات الصاروخية والطائرات المسيرة التي انطلقت من اليمن في السنوات الأخيرة، حيث أطلق الحوثيون صواريخ على مطارات المملكة ومنشآت النفط وخطوط الأنابيب.

من ناحية أخرى، تجنبت الإمارات، التي تقع على مسافة أبعد من اليمن، إلى حد كبير خط نيران الحوثيين، وكان آخر هجوم تبناه الحوثيون على الإمارات في عام 2018.

وسحبت الإمارات قواتها في 2019 لكنها تواصل دعم بعض الجماعات في اليمن.

وقال كريج، مشيرًا إلى هجوم الطائرات بدون طيار، “كل مغامرات السياسة الخارجية [الإماراتية] أوضحت أنهم معرضون تمامًا للتهديدات غير التقليدية وغير المتكافئة من الجماعات المختلفة التي يقاتلونها في جميع أنحاء المنطقة”.

وعلى الرغم من الادعاء بأن لديها دفاعات جوية أكثر تطوراً في المنطقة، إلا أن الطائرة بدون طيار التابعة للحوثيين في اليمن سقطت على موقع استراتيجي في أبو ظبي.

وأضاف كريج “لقد جلبت عليهم مغامراتهم انعدام الأمن.. حيث تعود الحروب التي لم تنته الآن لتطاردهم”.

الحذر وليس المواجهة

وحققت القوات المدعومة من الإمارات خلال الأسابيع القليلة الماضية مكاسب على الأرض ضد الحوثيين، مما يمثل تحولًا في المعركة.

واستعادت القوات المتحالفة مع الحكومة اليمنية، بمساعدة كتائب العمالقة المدعومة من الإمارات، السيطرة على محافظة شبوة الجنوبية بأكملها من الحوثيين في وقت سابق من هذا الشهر، وحققت تقدمًا في محافظتي مأرب والبيضاء المجاورتين.

وربما تكون هذه التطورات هي التي أدت إلى هجوم يوم الاثنين على الإمارات، لكن محللين يقولون إنه من غير المرجح أن يكون هذا هو السبب الوحيد للتصعيد.

وقال مايكل هورويتز، المحلل الجيوسياسي والأمني ​​في “لو بيك إنترناشونال”، وهي شركة استشارية تركز على الشرق الأوسط: “كان الهجوم على أبو ظبي بمثابة تحذير خطير من إيران للإمارات”.

وأوضح أن “الولايات المتحدة تضغط على الإمارات لتنفيذ العقوبات على إيران بشكل أفضل مع استمرار المحادثات النووية”.

وتجري القوى العالمية محادثات مع إيران لإحياء الاتفاق النووي المبرم عام 2015، والذي انسحب منه الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب في 2018 وفرض عقوبات جديدة.

وأضاف هورويتز: “اعتمادًا على كيفية سير محادثات خطة العمل الشاملة المشتركة (الاتفاق النووي الإيراني) وعلى سلوك الإمارات، قد يتم تنفيذ المزيد من مثل هذه الهجمات ضد الدولة”.

ومع إعلان الحوثيين شن عملية عسكرية على الإمارات يوم الاثنين، بعد أسبوعين فقط من احتجازهم لسفينة ترفع علم الإمارات قبالة الساحل اليمني، فإن التصعيد قد يدفع الإمارات إلى تقليص توسعها وتجنب المزيد من المواجهة، كما يقول الخبراء.

وقال جونز: “سيكون هناك تبجح علني، لكن [الهجوم] سيضع مزيدًا من الضغط على الإمارات للسعي إلى التقارب مع إيران”.

ووافق هورويتز على ذلك، وقال “في المرة الأخيرة التي شعرت فيها الإمارات بمثل هذا الضغط، ردت بالتواصل بهدوء مع إيران لمحاولة تخفيف التوترات الإقليمية”، في إشارة إلى سلسلة من الهجمات ضد حركة النقل البحري قبالة الإمارات وضد منشأتين للطاقة في السعودية في 2018 و2019.

وأضاف “الحذر من جانب الإمارات أكثر ترجيحًا بكثير من العودة إلى المواجهة”.