منبر كل الاحرار

صحيفة أمريكية: الرياض وأبوظبي فشلتا في حرب اليمن رغم دعم واشنطن

الجنوب اليوم | صحافة

 

نشر موقع “ذا ناشونال إنترست” مقالا للكاتب دوغ باندو، تحت عنوان “دعم الولايات المتحدة غذى الحرب في اليمن ولم يخففها”.

ويقول باندو في مقاله، إن “التحالف الذي تقوده السعودية حقق انتصارا نادرا في الحرب اليمنية، عندما انسحب مقاتلو الحوثيين من ميناء الحديدة، إلا أن السعودية والإمارات أمامهما طريق طويل لتحقيق الانتصار في حرب كان من المتوقع أن تستمر أسبوعين بعد إعلانها في عام 2015”.

ويشير الكاتب إلى أن “علاقة واشنطن مع ديكتاتوريات الخليج، هي التي قادت، ولسوء الحظ، إدارة باراك أوباما لدعم حملتها القاسية على اليمن، وكان الكونغرس قد صوت قبل فترة لقطع الدعم الأمريكي عن الحملة العسكرية في اليمن، لكن الرئيس دونالد ترامب استخدم الفيتو ضد هذا القرار، وبدت الإدارة وكأنها جزء من منظومة ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، فقد عولت على إنهاء الحرب من خلال دعم هجمات الرياض الإجرامية ضد المدنيين”.

ويلفت باندو إلى أن “اليمن الحديث ولد قبل ستة عقود، وعاش الحروب طوال هذه الفترة، وانقسم اليمن مرة إلى قسمين: واحد في الشمال وآخر في الجنوب، وعندما اتحد البلد عام 1990، تحولت الحروب من خارج الحدود للداخل، والجولة الأخيرة من الحرب هي التي دخل فيها الحوثيون الذي شنوا حروبا عدة ضد علي عبد الله صالح، قبل أن ينضموا إليه للإطاحة بخليفته عبد ربه هادي منصور”.

ويعلق الكاتب قائلا إن “الصراع على العروش في اليمن لم يكن مهما للولايات المتحدة، سوى لحرف نظر الحكومة اليمنية باتجاه قتال الجماعات المتطرفة، مثل تنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية، ولم تكن الحرب بين الحوثيين والنظام مهمة لكل من السعودية والإمارات، خاصة أن الجماعة بعلاقاتها المحدودة مع إيران لا تستطيع مواجهة جاراتها القوية”.

ويستدرك باندو بأن “الإطاحة بهادي أدت بالسعودية والإمارات للعمل على إعادة تنصيبه من جديد والسيطرة على الأراضي، ودون أن يتوقع السعوديون والإماراتيون وجدوا أنفسهم يقاتلون قوة متمردة، فيما تحولت الحرب إلى نزاع طائفي بالوكالة مع إيران، التي لم يكن لديها علاقة قوية مع الحوثيين، وقدمت لهم دعما محدودا، وفي الطريق لمحاربة الحوثيين استورد التحالف الذي تقوده السعودية المرتزقة من السودان، وارتكب التحالف جرائم ضد المدنيين، ودعم الجماعات الراديكالية، بما فيها تنظيم القاعدة الذي تم تفكيكه وإضعافه”.

وينوه الكاتب إلى أن “إدارة أوباما حاولت دعم دول الخليج التي عارضت المعاهدة النووية التي وقعت عام 2015، وقدمت واشنطن الدعم الاستخباراتي والوقود في الجو، وزعم المسؤولون الأمريكيون أنهم ينقذون أرواح المدنيين في الوقت الذي دعموا فيه الغارات الجوية ضدهم، ووصل عدد ضحايا المذابح حتى الآن إلى 223 ألفا، ومات معظمهم لأسباب (غير مباشرة)، بحسب تقارير الأمم المتحدة، وتشمل التجويع والأوبئة مثل الكوليرا، ورغم ردة فعل الجمهوريين في مجلس الشيوخ، إلا أن عددا كافيا منهم وقف إلى جانب ترامب ليمرروا الفيتو الذي استخدمه ضد قرارهم”.

ويرى باندو أن “مبررات الإدارة الوقوف مع الحرب واستمرار دعمها لا يمكن تصديقها ومضحكة وتزدري الرأي العام، مثلا، تقول الولايات المتحدة إنها لا تشارك في الحرب، لكن قل هذا لليمنيين الذين مات أبناؤهم نتيجة للقنابل الأمريكية، أو الغارات التي وفرت أمريكا الوقود للطائرات التي شنتها”.

ويشير الكاتب إلى أنه كذلك القول إن الجماعة الحوثية ستهدد المملكة ومنطقة الخليج والولايات المتحدة، لافتا إلى أن “الجماعة الحوثية هي أقل تطرفا من الوهابية التي نشرتها الرياض حول العالم، بمن فيه اليمن، وقضى الحوثيون سنوات وهم يقاتلون صالح قبل أن يعملوا معه ضد هادي والتحالف، ولم يهدد الحوثيون السعودية أو الخليج ولا الولايات المتحدة، وكانت هجمات الصواريخ الحوثية هي محاولة للانتقام من سنوات الدمار الذي تركه التحالف على اليمن”.

ويقول باندو إن “زعم أمريكا بأنها تقوم بالتخفيف من آثار الحرب ليس صحيحا، فقد تركت التحالف يتصرف دون انضباط، ما دمر اقتصاد اليمن بسبب الغارات، فيما قتل أكثر من 20 ألف مدني بسببه. إن الحد من الأضرار كان بسبب ضعف قدرات التحالف لا سياسة الولايات المتحدة، وإدارتا أوباما وترامب جعلتا الولايات المتحدة متواطئة في هذا القتل”.

ويلفت الكاتب إلى أن الولايات المتحدة تقول إنها تريد وقف الحرب، لكنها لم تتوقف عن دعم السعوديين والإماراتيين، مشيرا إلى أنه تم الدفاع عن هذا المنطق “الغريب”، من خلال مقال مشترك نشره موقع مجلة “فورين أفيرز” لكل مايكل نايتس من معهد واشنطن وكينث بولاك من معهد “أمريكان إنتربرايز” وباربرة وولتر من جامعة كاليفورنيا، ودعا الثلاثة أمريكا لمواصلة جهودها في دعم التحالف السعودي؛ لأن التوقف عن هذا سيعرقل الحملة، وسيجرأ الحوثيين والإيرانيين، ويجعلهم أقل قبولا للتفاوض وتقديم تنازلات، و”بالتأكيد يرى الثلاثة أن الدعم، مهم حيث سيتم استخدامه ورقة ضغط على الطرفين لوقف الحرب والموافقة على التشارك في السلطة”.

ويستدرك باندو بأن “التحالف لم يبد أي ميل لتخفيف أساليبه بعد أربعة أعوام من الدعم الأمريكي، بل إن السياسة الأمريكية جرأت ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، الذي أصبح أكثر قمعا وتهورا، والأسوأ من هذا كله هو استمرار أمريكا في استراتيجيتها يعني قتل مزيد من المدنيين الذين لا ذنب لهم ولم يعارضوا أمريكا، فلو دعا أحدهم في الحرب العالمية الثانية لدعم أدولف هتلر، الذي كانت قوات الحلفاء تقاتله لمحاربة جوزيف ستالين، لكان مقترحه جنونا”.

ويرى الكاتب أن على الولايات المتحدة وقف دعمها للتحالف السعودي للأسباب الآتية:

الأمر الأول: أن الحرب هذه ليست حربا أمريكية، فلا رهان لأمريكا في الحرب الدائرة بين الفصائل اليمنية ودول الجوار، ولم تتأثر أمريكا بالوضع اليمني المضطرب دائما، وأكثر من هذا فلم يفعل اليمنيون شيئا لتعاملهم واشنطن على أنهم أعداء.

الأمر الثاني: تدخلت واشنطن مع الطرف الخطأ، فالحوثيون وإن لم يكونوا دعاة للحرية والديمقراطية، إلا أن السعوديين والإماراتيين أسوأ منهم ولهم نزعات إمبريالية، وعارض الحوثيون تنظيم القاعدة، فيما ساعده هادي والتحالف السعودي، في وقت تسعى فيه الإمارات لتفكيك اليمن خدمة لمصالحها.

الأمر الثالث: ارتكب التحالف معظم الجرائم، وترى المنظمات الإنسانية أن السعوديين والإماراتيين مسؤولون عن ثلثي أو ثلاثة أرباع الضحايا والدمار، وقد تم تخريب اليمن، وجعل شعبه يعاني من البؤس والفاقة من أجل أن تحصل الملكيات في الخليج على التأثير الجيوسياسي والمنافع التجارية.

الأمر الرابع: يتعلق بزعم السعودية أنها تقوم بالدفاع عن نفسها، وهي محاولة بغيضة للتمهيد للدفاع عن عدوانها، فلم يبدأ الحوثيون باستهداف السعودية إلا قبل فترة ردا على عدوانها، و”من الغريب ما قاله في هذا الشأن، وزير الخارجية مايك بومبيو، وهو أن واشنطن تدعم السعوديين خشية أن تصيب الصواريخ التي يطلقها الحوثيون على مطار الرياض مواطنين أمريكيين، ولو توقفت الحرب لانتهى إطلاق الصواريخ”.

الأمر الخامس: يجب على الولايات المتحدة ألا تنخرط في نزاع طائفي نيابة عن السعوديين والإماراتيين، مشيرا إلى أن التطرف نابع من الأيديولوجية السنية التي تمارس في الرياض، وكانت السعودية أكثر توسعية بكثير للهيمنة من طهران، حيث غزت اليمن، واختطفت رئيس وزراء لبنان، وأرسلت قوات لدعم الحكم الديكتاتوري في البحرين، ودعمت ديكتاتورية السيسي، وأرسلت أموالا لدعم المتشددين في الحرب الأهلية في سوريا، وأشعلت نيران الحرب في ليبيا، وهي أكثر اضطهادا من إيران، فهي لا تتسامح حتى مع أي نقد سياسي أو ديني أو مطلب بالحرية.

ويقول الكاتب: “أخيرا، فليس من مسؤولية أمريكا التدخل في شؤون الدول الأخرى، لكن الابتعاد عن الحروب التي لا تخدم المصالح الأمريكية، خاصة عندما تكون ظالمة، وفي هذا السياق يعد النزاع في اليمن مهزلة، ويجعل أمريكا أقل أمنا، بل إنه يقوي الإرهابيين في ذلك البلد، ويكافئ الدول الديكتاتورية وهجومها البربري على البلد الفقير، ويجر البلد إلى نزاع طائفي”.

ويختم باندو مقاله بالقول إن “الطريق الوحيد لوقف الحرب هو التوقف عن دعم المعتدي، ويجب على السعوديين والإماراتيين الاعتراف بفشلهم، والشعور بمعاناة اليمنيين”.

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com