الحديدة: المعركة لن تكون خاطفة
الجنوب اليوم | العربي
فائز الأشوال
حرب نفسية وضجيج إعلامي يفوق المواجهات على الأرض في محيط مدينة الحديدة. إقترب الأسبوع الأول من نهايته منذ إطلاق «التحالف» عملية «تحرير ميناء الحديدة»، لكن القوات المسنودة من الإمارات لا تزال عالقة في مديرية الدريهي الذي يقع في نطاقها الإداري مطار الحديدة.
إفراط في الترويج من قبل «التحالف» وحكومة «الشرعية» بأن السيطرة على مدينة الحديدة وميناءها ستغير موازين الحرب في اليمن، وسترضح على اثرها «انصارالله» للتفاوض وفق القرارات الأممية والمرجعيات التي يتمسك بها الرئيس عبدربه منصور هادي وحكومته. غير أن مسرح العمليات في السهل التهامي والوضع الميداني يؤكدان بأن معركة الحديدة لن تكون خاطفة، وأن «انصارالله» على أتم الاستعداد لخوض معركة استنزاف طويلة.
الباحث والمحلل السياسي عبدالناصر المودع قال لـ«العربي»، إنه «حتى لو خسر الحوثيون العائدات الجمركية من مينائي الحديدة والصليف، فإنهم سينشئون مراكز جمركية جديدة في حدود المناطق التي ستبقى تحت سيطرتهم، كما يعملون حاليا في محافظة ذمار وفي مديرية حرف سفيان بمحافظة عمران، والتي أقاموا فيها مراكز جمركية للسلع التي تمت جمركتها في ميناء عدن ومنفذ الوديعة».
وبشأن مزاعم وقف تهريب السلاح لـ «انصارالله» عبر السيطرة على ميناء الحديدة، يؤكد المودع أن «هناك مبالغة في قضية تهريب السلاح للحوثيين عبر الساحل الغربي، فالمنطقة محاصرة والبحر تحت رقابة قوات التحالف وبوارجه، وفرص الحوثيين في التهريب صعبة. كما أن السفن التي تفرغ حمولاتها في ميناء الحديدة تخضع للتفتيش من قبل الأمم المتحدة في جيبوتي».
تعقيدات كثيرة
من جانبها ترى الباحثة والكاتبة ميساء شجاع الدين، أن «الضجيج الإعلامي الذي يرافق المواجهات في محيط مدينة الحديدة لا يعطي شعوراً بالجدية عسكرياً، بل العكس، وكأن الهدف هو الحرب النفسية إعلامياً للضغط من أجل الجلوس على طاولة المفاوضات»، لافتة الى أن «الوقت ليس في صالح التحالف، وكلما مر الوقت زاد عدد الضحايا وزاد الضغط الدولي عليه لوقف الحرب». كما تؤكد أن «عملية الحديدة اكتملت أم لم تكتمل، فهي خطوة في طريق التفاوض وليس الحسم».
الصحافي والكاتب توفيق الجند هو الآخر يرى أن «معركة الحديدة تحيط بها الكثير من التعقيدات، ما يجعلها مختلفة عن كل المعارك السابقة، بدءاً من المواقف الدولية ووصولاً إلى الكلفة البشرية. كما أن موازين القوى لا تعني بالضرورة أن يكون مفتاح التحكم بيد الأقوى على كل حال».
معركة البحر
الى اللحظة، تخشى القوات المسنودة من «التحالف» إقتحام مدينة الحديدة ذات الكثافة السكانية المرتفعة. تحاول التقدم شرقاً من مديرية الدريهمي الى مطار الحديدة، ومنه الى شارع كيلو 16 لوقف التعزيزات القادمة من صنعاء، وعزل مدينة الحديدة، لكن الوقائع على الأرض تؤكد أن هذه القوات وصلت الى جنوب مدينة الحديدة عبر الطريق الأسفلتي في الساحل، ومنذ أشهر لم تستكمل السيطرة إلا على الخوخة، وهي مديرية من أصل 26 مديرية تابعة لمحافظة الحديدة، ولاتزال تحت سيطرة «انصارالله».
وفي الوقت الذي تقطعت فيه أوصال الطريق الساحلي الرابط بين مديرتي الخوخة والتحيتا ومحاصرة مقاتلي «انصارالله» للوحدات التابعة لـ«التحالف» في مدينة حيس ومنطقتي الفازة والجاح في التحيتا ومنتجعات النخيل في الدريهمي، فإن التعزيزات التي تدفع بها «انصارالله» لا تزال تتدفق إلى الحديدة، وكل الطرق إليها سالكة من محافظات حجة والمحويت وصنعاء وإب وتعز.
القيادي في «انصارالله» محمد ابونايف أبلغ «العربي»، أن «دول العدوان ومن خلفها أمريكا وبريطانيا وفرنسا، لن تفلح في تحقيق أي تفوق في الساحل الغربي لا بالقوة ولا بالإبتزاز»، كاشفاً عن مفاجآت في معركة الحديدة بقوله: «منذ 7 أشهر ونحن مستعدون لمعركة الحديدة جيداً، وخلال الأيام القليلة القادمة ستظهر للعلن صواريخ بحرية لن تنجوا منها كل بوارج وسفن العدوان وقطعه الحربية».
ويؤكد أن «أنصارالله صارت تمتلك صواريخ مضادة للسفن والبوارج تفوق سرعتها سرعة الصوت، إلى جانب زوارق حربية مجهزة بصواريخ حربية متنوعة، وكذا زوارق ساحلية صغيرة تعمل كدوريات وضفادع بشرية تم تدريبها لأكثر من عامين تحسباً لمعركة في البحر».
نتائج عكسية
المغامرة التي يخوضها «التحالف» في الساحل الغربي، قد تنعكس سلباً عليه، فبحسب الناشط في صف «انصارالله» نجيب القرن، فإن «غطرسة تحالف العدوان في الساحل الغربي قد تفضى إلى تعطيل مينائي الحديدة والصليف، وعندها سيتحمل المسؤولية أمام العالم في الكارثة الإنسانية التي ستحل جراء قطع آخر شريان حياة لـ70 % من الشعب اليمني، وستكون انصارالله في موقف يحتم عليها الدفاع عن الشعب ومصالحه الحيوية بكل الوسائل الممكنة، ولديها من القوة ما يخولها أن تحول البحر إلى بركان أحمر، وعلى الباغي تدور الدوائر».