منبر كل الاحرار

خراب عدن: ممارسات إماراتية تذكّر بالاحتلال البريطاني

الجنوب اليوم | صحافة

 

“عدن خربوها من زمان، وجاءت الحرب لتكمل القضاء على ما تبقّى من معالم وهوية عدن المدنية، فلم نعد نعرفها اليوم… اليوم لا نستطيع أن نتحرك أو نتكلم، أو حتى اللعب بأوراق الشدة في الشارع، فانتشر القتل، ولم تعد تعرف من هو جارك، حتى سلوكيات أولادنا تغيّرت… وزادت الأمور سوءاً مع انتهاء الحرب الحوثية على عدن، فأصبحنا نخاف أن يقال عنا لسنا عدنيين، مع الوجوه الجديدة والقادمين من القرى والجبال”، بهذه الكلمات يصف محمد طه، وهو من أبناء منطقة الشيخ عثمان في عدن وعايش الاستعمار البريطاني، لـ”العربي الجديد”، الوجه الجديد غير المألوف لمدينة عدن اليمنية، التي بحسب الكثير من أهلها، لم تعد كما في السابق، بل شهدت تحوّلاً كبيراً يعتبره المتسبّبون به تبدلاً إلى الأفضل، طالما هو يُقدّم مشروع الإمارات وحلفائها إلى الواجهة، فيما يراه الآخرون تغييراً إلى الأسوأ ويُخرِج عدن عن طبيعتها وجمالها المألوف، في رموزها ومدنيتها وطقوسها، وتنّوعها السكاني والثقافي والديني والمذهبي والطبقي، وحتى الاجتماعي والاقتصادي والسياسي، الذي تميّزت به المنطقة لعقود طويلة.
وشرعت الإمارات وحلفها، منذ سيطرتها على عدن، في فرض واقع مغاير لصورة المدينة، من خلال العديد من الممارسات، التي بدّلت وجه المنطقة. يقول السبعيني جعفر مقبل، لـ”العربي الجديد”، إن “الواقع تغيّر والناس تغيّرت وكذلك شكل الحياة في عدن، وحتى العلاقات الاجتماعية تبدّلت، وبعض الطقوس بما فيها الأعراس”، متهماً كل الأطراف التي حكمت عدن، بما فيها الحالية، بالمسؤولية عن ذلك، معاتباً الحكومة الشرعية لفشلها في وقف هذا التدهور الذي تعيشه المدينة، والناس فيها، ووقف استهداف طبيعتها ومدنيتها.

وطاول الاستهداف الإماراتي لعدن المجال الديني فيها، مع دعم أبوظبي لفرض نمط الصوفية عبر جناح من السلفيين الموالين لها، فصَّلتهم وفق مقاسها ليكونوا حلفاء لها، ويفرضوا الواقع الديني كما تريده. ويقول المواطن العدني، عدنان عفش، لـ”العربي الجديد”، إن “هذا الواقع الديني يُخرج عدن من ميزتها المعروفة، وهي تنّوعها، إذ احتضنت كل الديانات والمذاهب والعرقيات، الإسلامية واليهودية والمسيحية والبوذية، وحتى الفرس والهنود والباكستانيين والعرب وغيرهم، وما إن تحررت عدن حتى بدأ استهداف التنّوع فيها من قبل قِوات هي الآن تحت إشراف الإمارات، وهم السلفيون المنخرطون ضمن قوات الحزام الأمني، من خلال استهداف المعابد والكنائس في عدن، والتضييق على الحريات الدينية، فضلاً عن تغيير خطباء أغلب المساجد والمراكز الدينية”.

ويتخوّف كثيرون من تبعات هذه التحوّلات على المجتمع. ويقول مسؤول في قيادة محافظة عدن، طلب عدم ذكر اسمه، لـ”العربي الجديد”، إن محاولة فرض هذا الواقع تقسّم المجتمع وتعقّد الحلول للمشاكل، فمن غير المقبول فرض رأي واحد وتوجّه محدد على المجتمع، فيما الناس حاربت هذا الأمر لعقود طويلة، ويأتي اليوم من يعيده بل يستهدف قيادات المجتمع، وفي مقدمتها ممثلوهم كالرئيس اليمني عبدربه منصور هادي وقيادات جنوبية تاريخية، وذلك في مسعى لفرض مشروع خارجي. ويعتبر هذا الأمر “استفزازاً للناس، وتغييراً لهوية مؤسسات الدولة والبلد المتعارف عليها في القانون والدستور”، مشيراً إلى أن هناك مرافق في محافظة عدن تخضع لأطراف في التحالف السعودي-الإماراتي، وحتى أن بعض الموالين لهم يزيلون صور هادي ويضعون مكانها صور قادة آخرين، كقادة الإمارات وبعض القيادات المستجدة والمدعومة من أبوظبي.

 

العربي الجديد

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com