الجنوب اليوم | وكالات

 

التوتر يتسع في المدن الجنوبية على إيقاع تحركات دولية للسلام . الانتقالي يرفع درجة التصعيد ويلعب بالنار. بدأها في شبوة بالسيطرة على مواقع لقوات هادي في مرخة، وأوصلها عبر النخبة لإحكام قبضته على عتق، واليوم يواصل زحفه على المطار لتسهيل دخول التعزيزات الإماراتية، التي حشدت في مطار عدن تمهيداً لنقلها إلى عتق… هذه المعركة مهمة، ليس للانتقالي بل للإمارات، التي تسعى منذ وصولها هنا في 2017 للاستحواذ على مناطق النفط. يؤكد ذلك رفض ضباطها في بلحاف وساطة قبلية لإنهاء التوتر في عتق.
طلب الضباط الإماراتيون من الوسطاء إخراج قوات هادي، بما فيها محور عتق، وفك التشكيل المشترك من القوى الأمنية والعسكرية، وهم بذلك يريدون إفراغ المركز الإداري لشبوة من الوجود العسكري لهادي، تمهيداً للانقضاض عليها. غادر الوسطاء مكتب الحاكم الإماراتي في بلحاف ليسمعوا أنباء سقوط المطار، لا تريد الإمارات التهدئة، وكل ما تريده الآن تشكيل لجنة سعودية للتقاسم.
لم يخُضِ الانتقالي مواجهات فعلية في شبوة، وقد سبق لقواته وأن هزمت فيها على أبواب مرخة السفلى بسلاح القبائل البسيط، لكن الحظ حالفه هذه المرة؛ فقوات هادي ومنذ الاعتداء على مواقعها في مرخة تفضل الانسحاب. انسحبت من مواقعها في محيط أنبوب النفط سابقا، وانسحبت أيضا من مطار عتق، ولم تطلق رصاصة واحدة، حتى وقد تعرض قائد محورها عزيز العتيقي للتمريغ من قبل النخبة على أبواب عتق، وقرر الدخول عبر مناطق ترابية بعد منعه من المرور عبر المنافذ الرئيسية.
ربما لم تتلقَ توجيهات بالرد، خصوصاً مع إدراك علي محسن أن النفط والغاز أصبح ملكاً للبنك المركزي، بعد ضم مركزي مارب للمركز في عدن وبضغوط حوثية اشترطت توحيد البنك خلال اجتماعات الأردن، وربما يعود الأمر إلى الصراع داخلها، حيث يعتكف أبرز قادتها، ناصر النوبة، في منزله بالصعيد، بعد رفض هادي تجنيد 500 من أتباعه.
وخلافاً لشبوة التي ربما تصبح معركة التحالف بعد سحبه بساط النفط من تحت أقدام الأتباع، تعثر الانتقالي في أولى خطواته بسقطرى، وقد فشلت قواته بالسيطرة على ميناء الجزيرة وعاد أنصاره للتظاهر، بعد أن كانوا توحشوا بقوة السلاح الإماراتي. وفي عدن لم يستطع الانتقالي تنفيذ تهديده بالسيطرة على المؤسسات الحكومية، فذهب أنصاره للتسابق على منظمات المجتمع المدني، كالنقابات، على أمل تحقيق نصر معنوي بعد سلسلة إخفاقات من الضالع حتى حضرموت، مروراً بأبين التي بات يفقد السيطرة عليها، وحتى لحج حيث بدأت الإمارات تقييد خصومه في قيادة العمالقة، بتصنيفهم كقادة للقاعدة، مع أنهم كانوا يدها في الساحل الغربي.
لا تغيير جذرياً في السلطة جنوباً، فحكومة هادي لا تزال هي المسيطرة، وقواته تحتفظ بألويتها ليوم الحسم، بينما الانتقالي يعبث بقواته ويرهقها في إشكاليات صغيرة لا تحتاج لكل هذه الضجة، هذا إن لم تكن أصلاً مفتعلة للإفصاح عن وجوده في الجنوب، بعد أن كاد نجمه يأفل. فهذه التحركات تتزامن مع تحركات دولية لترسيخ قاعدة في الجنوب، قد تقصم ظهر الانتقالي، الذي حاول نفخ جسده الضئيل ببالونة القضية الجنوبية، وربما يكون واحداً من عشرات القوى، التي يعدها المجتمع الدولي للمرحلة المقبلة.
يبرز ذلك في اللقاءات الدبلوماسية التي تشهدها عدن منذ يومين، حيث وصل وفد أمريكي بقيادة السفير السابق في اليمن جيرالد فيرستاين، والذي تتحدث مصادر عن توبيخه للزبيدي، واعتبر تهديده بإسقاط المؤسسات الحكومية بأنه يخدم القاعدة و”داعش”، تلك الجماعات التي تشكل قوام قوات الانتقالي اصلاً وبرعاية من التحالف.
تهديدات فيرستاين تأتي في وقت عاد جناح التنظيمين للظهور من جديد بعمليات في حضرموت والبيضاء على حدود أبين، والأخطر التقارير التي تتحدث عن دعم إقليمي ودولي لداعش. رسالة السفير الأمريكي، الذي التقى أيضاً حكومة هادي، جاءت في وقت التقى فريق خبراء مجلس الأمن مع قيادات من الحراك الجنوبي الذي يتعرض قادته للتنكيل، وآخرها محاولة اختطاف القيادي عبد الحكيم الجهوري، الذي قدم من ردفان للمشاركة في الحراك السياسي، وقد قدم الحراك مصفوفة مطالب أبرزها تطبيق قرار العقوبات في المناطق الجنوبية، وهو بذلك يشير إلى الانتقالي الذي أنزل الويل بناشطي الحراك في محافظات الجنوب، ويحاول قبره بعد ما أفاق من الموت بشحنة دعم سعودية.
لا يريد الانتقالي الحرب، وأكثر شيء يتخوف منها وباعتراف قاداته الذين شرعوا للبحث عن هدنة مع قوات هادي في عدن، واكتفوا بحملة “رفع الأعلام” بدلاً عن دعوة التعبئة لإسقاط المؤسسات، وكل ما يفتعله يبدو، بنظر مراقبين، مجرد زوبعات حتى لا ينساه أحد في عاصفة تمثيل الجنوب.