أثارت التغريدات الأخيرة لنائب رئيس «المجلس الإنتقالي الجنوبي»، هاني بن بريك، جدلاً واسعاً في الوسط السياسي جنوبي اليمن. رجل الدين السلفي غرد، على صفحته في «تويتر»، قائلاً: «سيُمنع من يقدح في السعودية والإمارات والبحرين والسودان ومصر من دخول الجنوب بقوة الشعب الجنوبي، وإن كان جنوبياً سيحاسب».
وعلى الأثر، انهال سيل من الردود في وسائل التواصل الإجتماعي على تغريدات بن بريك. الدكتور فاروق حمزة علق عليها قائلاً: «لو اضطررنا سننشر تسجيلاتك أيام دماج مع عناصر داعش»، فيما كتب الناشط، بشير عثمان، على صفحته في «فيس بوك»، أن «السلفي بن بريك من أعداء الديمقراطية وربما لم يسمع بها وهدفه إعادة الأمور إلى وضع السعودية والإمارات، بمعنى القضاء على الحريات وتشييد مرحلة الإستبداد الديني والسياسي». وعلق الناشط، زكريا اليافعي، من جهته، على تغريدات بن بريك بالقول: «سأقول رأيي وأقدح في أي من الدول، ومن أنت لتحاسب؟».
وتمرد هاني بن بريك السلفي على السلفية، وخالف قواعدها التي تحرّم ممارسة السياسة والدخول في الأحزاب. ومع تفاقم تلك الممارسات، أصدر علماء سلفيون، هم الشيخ محمد بن عبد الوهاب الوصابي والشيخ محمد بن عبد الله الإمام والشيخ عبد العزيز بن يحيى البرعي والشيخ عبد الرحمن بن مرعي العدني والشيخ عبد الله بن عثمان الذماري والشيخ محمد بن صالح الصوملي والشيخ عثمان بن عبد الله السالمي، بياناً تحذيرياً من بريك جاء فيه: إن «هاني بن بريك يدعو إلى الفتن والتفرقة بين أهل السنة، لذا وجب التحذير منه وهجره وترك مجالسته، وننصح بعدم التأثر به لأنه يقود من معه إلى الهاوية».

وعلى الرغم من أن هاني بن بريك ينتمي إلى السلفية التي تدعو إلى طاعة ولي الأمر، إلا أنه تمرد على قرارات الرئيس عبد ربه منصور هادي التي قضت بعزله من الوزارة في 27 أبريل الماضي، وكان رده، في تصريح له، أنه «الأقوى على الأرض». ويرى مراقبون أن الإمارات وجدت ضالتها في هاني بن بريك لتنفيذ سياساتها في الجنوب، وفرضته كوزير دولة قبل أن يقيله هادي، ثم عادت لتفرضه نائباً لرئيس «المجلس الإنتقالي»، لكن نفوذه أضحى أكبر من ما لرئيس «المجلس»، اللواء عيدروس الزبيدي.
ويُعدّ هاني بن بريك رجل الإمارات الأول في الجنوب، ويقود قوات «الحزام الأمني» المشكلة من قبل أبوظبي، والتي يبلغ قوامها ما يقارب اثني عشر ألف عنصر يتوزعون بين عدن ولحج وأبين، ومنها لواءان في المخا. وقبل انطلاق «عاصفة الحزم» في أواخر مارس 2015، مكث ثلاثة أشهر في أبوظبي ومعه نائبه، هاشم السيد. وبحسب معلومات من مقربين فإن بن بريك خضع لدورات أمنية مكثفة. وعُرفت عن بن بريك مواقفه المتشددة ضد المخالفين لتوجهاته، والزج بالمئات من المعارضين في السجون. وفقاً لمصادر مقربة، فإنه أفتى بجواز تصفية المخالفين، بعدما كان شنّ حملة للسيطرة على مساجد عدن وتعيين أئمة وخطباء موالين له مقابل مبالغ مالية شهرية.
وأعلن بن بريك، مؤخراً، عن بناء أكبر جامع في عدن يضم مباني كسكن للطلاب، وهو ما اعتبره ناشطون جنوبيون استنساخاً لمركز دماج في صعدة والفيوش في لحج. وأصدر الشيخ علي العدني تحذيراً من المركز الذي سيتم بناؤه غرب عدن في منطقة بير أحمد، لافتاً إلى أنه «مركز خاص لهاني بن بريك، وسيجلب العديد من العناصر الأجنبية كتلك التي كانت تتواجد في مركز الفيوش وتم ترحيلها في العام 2014، وهي نقطة الخلاف بين بن بريك والشيخ عبد الرحمن المرعي قبل مقتله».
واليوم، أصدر معهد دار الحديث في الفيوش بياناً رافضاً لمشروع بن بريك. وأسف المعهد لاستمرار بن بريك في «زيفه وكذبه ومحاولته التدليس على الناس»، واصفاً نيته إقامة مركز علمي في منطقة بير أحمد بـ«المخطط الخبيث»، الذي يستهدف «النيل من دار الحديث بالفيوش، بعد أن فشلت محاولات تدمير المركز عبر عمليات الإغتيال لمشائخه». وذكّر بأن «هاني بن بريك أصر على بقاء بعض الإخوة الأجانب ممن طلبت الدولة ترحيلهم بسبب قضايا الإرهاب في العام 2014، حيث قبلنا أمر ولي الأمر في حين حاول هاني بن بريك ومن معه يومها عصيانه».
وأعرب عن خشيته من أن يسعى بن بريك إلى «إعادة كل الأجانب الذي غادروا اليمن وعدن إلى مركزه الجديد، الأمر الذي قد يحول عدن إلى منطلق كبير للجماعات المختلفة التي تعاني خللاً في مذهبها وعقيدتها، وعلى رأسهم خوارج العصر من قاعدة ودواعش». وحذر «الإخوة في الحراك الجنوبي من مخاطر نهج بن بريك ومن معه وما يضمرونه في الأساس للحراك… ونؤكد لهم أنه مثلما انقلب على الدعوة السلفية وطعن شيوخها، سيطعنكم غداً، وإن غداً لناظره قريب».