هذه الأحداث جلّت، مرة جديدة، خطورة انتشار السلاح ووجوده بأيدي الجماعات المسلحة غير النظامية، وإن أُلبست لباساً رسمياً. خطورة ولّدتها تداعيات الحرب التي أفرزت واقعاً جديداً في عدن، وخلقت كيانات وفرقاً ومليشيات متعددة التوجهات والانتماءات، متباينة الرؤى. وعلى الرغم من أن مزاجاً شعبياً رافضاً للجماعات الخارجة من التأطير الرسمي، ودوراً ملحوظاً لعبته إدارة أمن عدن، أسهما في التضييق على عدد من تلك الجماعات والفرق التي امتلك بعضها أسلحة نوعية بينها صواريخ حرارية، إلا أن عديد المسلحين المؤدلجين، والذين سعى «التحالف» الى إدماجهم في «الجيش الوطني» للاستفادة منهم في جبهات القتال التي لا تزال مشتعلة شمالاً، يعود الكثير منهم إلى عدن بمركباتهم العسكرية كاملة الجهوزية والتسليح.

وكان عسكريون جنوبيون حذروا من إدماج الجماعات العقائدية في صفوف «الجيش الوطني»، وقالوا إن ذلك يشكل خطورة كبيرة عليه حال تم تشكيله مستقبلاً، معتبرين أن تجنيد هؤلاء، وبصورة جماعية، ومن دون فرز، صاحَبته الكثير من الأخطاء القاتلة التي قد تحولهم مستقبلاً إلى قنابل موقوتة ما إن تضع الحرب أوزارها. إذ إن الجماعات المؤدلجة، وتحديداً ضمن التيار السلفي، ظل ولاؤها السابق متحكماً في عقيدتها القتالية بشكل كامل، وإن ارتدى بعضهم البزات العسكرية، فعناصر تلك الجماعات يرفضون القتال إلا في إطار الجماعة، وفي نطاق جغرافي محدد، ما تسبب في تعثر عمليات «التحالف» على خطوط التماس، وجبهات البقع أنموذجاً.
ومع اشتداد الخلاف بين الحكومة «الشرعية» الموالية للرئيس هادي ودولة الإمارات حول العديد من الملفات في «المناطق المحررة»، لجأت الحكومة إلى الإستعانة بمليشيات هي عبارة عن خليط من الموالين لجماعة «الإخوان» وعناصر سلفية وسلفية جهادية، كما يتواجد في ألوية الحماية الرئاسية المئات من عناصر تنظيمي «القاعدة» و«الدولة الإسلامية». ففي أحداث مطار عدن، التي شهدت مواجهات مسلحة قبل أكثر من شهرين بين موالين لـ«التحالف» وألوية الحماية الرئاسية، رفع مسلحون ضمن ألوية الحماية شعارات «القاعدة»، وأطلقوا التكبيرات على غرار الجماعات الجهادية في العراق وسوريا، وقال الناطق باسم إدارة أمن عدن يومها إن عنصرين من الأمن قتلا ذبحاً على يد مسلحين تابعين لألوية الحماية الرئاسية.
وكشفت مصادر عسكرية في عدن أن قياديَين في تنظيم «قاعدة الجهاد في جزيرة العرب» قُتلا بصاروخ أطلقته، قبل أسابيع، طائرة أمريكية على سيارة كانا يستقلانها على الطريق الرابط بين محافظتي أبين وشبوة، بعدما «خرجا من معسكر تابع لألوية الحماية الرئاسية في عدن». ويخشى الأهالي في المناطق «المحررة»، وفي عدن تحديداً، من أن ينفلت عقال تلك الوحدات والألوية حال تم الضغط عليها للخروج من عدن والعودة إلى الجبهات كما تطالب الإمارات، وهو الأمر الذي يرفضه بشدة الجنرال علي محسن الأحمر، نائب الرئيس هادي، والمحسوب على جماعة «الإخوان المسلمين».