بلا رواتب
لا يزال الجرحى في عدن بدون رواتب حتى اليوم. ووفقاً لشكوى أحدهم، فإن حكومة الرئيس هادي «لم تصرف لنا رواتبنا حتى اليوم، ونحن الذين ضحينا بدمائنا لأجل هذه الشرعية، فيما هي تجمع الملايين في فنادق الرياض وأبو ظبي وتركيا». ومنذ أن انتهت الحرب في عدن قبل أكثر من عامين، تلقى الجرحى الكثير من الوعود، وكلما شُكلت لجنة لمعالجة أوضاعهم يتم استدعاؤهم وتقييد بياناتهم وطلب تقاريرهم الطبية وينتهي الأمر هنا، ثم يتم تشكيل لجنة أخرى تلغي إجراءات اللجنة السابقة وتقوم بإجراءات مشابهة لما قامت به اللجان السابقة وهكذا. وفي مركز السل بمديرية المنصورة وصل عدد اللجان التي تم تشكيلها إلى 11 لجنة، لم تقم أي منها بعمل شيء ملموس لعلاج الجرحى والسير في إجراءات نقلهم للخارج لتلقي العلاج، وفقاً لما تفيد به التقارير الطبية.
أحد المطلعين على الملف في حكومة أحمد عبيد بن دغر قال، في تصريح مقتضب لـ«العربي»، رفض فيه الكشف عن اسمه، إن «الحكومة تبذل جهدها لعلاج جرحى الحرب من أبناء محافظة عدن»، مضيفاً أن الحكومة وهادي «لم تنسَ هؤلاء الرجال الأبطال الذين ضحوا بأنفسهم وأبنائهم وهزموا المتمردين وأخرجوهم من عدن، وسيتم تشكيل لجنة لصرف مرتباتهم والإكرامية المخصصة لهم». وفي ما يتعلق باستكمال علاج الجرحى، أوضح المسؤول الحكومي أن «اللجان المشكلة لدراسة أوضاع الجرحى واستكمال علاجهم في الخارج تعمل وفق خطة مزمنة، وقد أنجزت العديد من مهامها وأرسلت المئات من الجرحى للعلاج في الخارج وسيتم استكمال إرسال بقية الجرحى وفقاً للخطة».

وفيما تعذر الحصول على تقدير رسمي لعدد الجرحى الذين لا يزالون بانتظار استكمال علاجهم، إلا أن المعلومات التي حصلنا عليها من أكثر من مصدر تشير إلى أن العدد يتجاوز الـ500 حالة في محافظة عدن وحدها.
سيناريو 2011 يتكرر؟
حصل «العربي» على معلومات من مصادر موثوقة تؤكد أن المعنيين بعلاج الجرحى تعاملوا مع ملف الجرحى بشكل مناطقي، وتلاعبوا بكشوفات الأسماء، حيث استبُعدت أسماء العشرات من الجرحى، وأُدخلت بدلاً منها أسماء لأشخاص يعانون من أمراض عادية أو مزمنة وسافروا لتلقي العلاج في الخارج على أنهم من جرحى الحرب. وتؤكد المعلومات أن هؤلاء الأشخاص إما منتمون لحزب «الإصلاح» أو تربطهم علاقات بمسؤولين في الحكومة.
مصدر طبي في عدن كشف، لـ«العربي»، أن العديد ممن نقلتهم الحكومة لتلقي العلاج في الخارج ليسوا من جرحى الحرب، حيث يتم تزوير التقارير الطبية الخاصة بهم كي يتم اعتمادهم كجرحى من «المقاومة» ليتمكنوا من السفر وتلقي العلاج على حساب الدولة. أما مسألة اختيار من يتم نقلهم للعلاج في الخارج من الجرحى، فأشار المصدر إلى أنها تخضع للوساطات والمحسوبية، ونادراً ما يتم اختيار بعض الحالات بناءً على الوضع الصحي للجريح، ودرجة الخطورة أو المضاعفات التي تنتج بسبب عدم استكمال العلاج. وأكد المصدر أن «العشرات، إن لم يكن المئات من الجرحى، ساءت حالتهم الصحية بسبب الإهمال وعدم تلقي العلاج»، لافتاً إلى أن العديد من هذه الحالات توفيت قبل أن يتم نقلها للعلاج خارج اليمن، والسبب تأخر المدة الزمنية.
سلام الله على الحوثي وصالح!
أحد الجرحى قال، لـ«العربي»، وباللهجة العدنية الدارجة، «والله لو نحنا عارفين بالوضع اللي بانوصل له ما كنا قاتلنا مع الشرعية، لو قاتلنا مع الحوثي وصالح إنه أشرف لنا من البهدلة، قد حنا نشوف الجرحى حقهم كيف يعاملوهم بمستشفيات صنعاء ونرجع نقول سلام الله على الحوثيين وعلي عبد الله صالح». وتابع أن وعود حكومة هادي «مجرد وعود تتكرر كلما طالبنا بحقنا في العلاج، وفي كل مرة يتم أخذ بياناتنا وطلب صور من التقارير الطبية والفحوصات، وفي النهاية يكون مصيرها الأدراج»، لافتاً إلى أن الملف الطبي الخاص به «تقطع من كثرة الإستخدام والجري من مستشفى إلى آخر ومن جهة إلى أخرى».
صنعاء تفتح أبوابها!
في مثل هذا الشهر من العام الماضي، وقعت المشكلة نفسها لجرحى «مقاومة تعز». ورغم المناشدات التي رفعت لحكومة هادي حينها إلا أنها لم تلق آذاناً صاغية وقوبلت بالتجاهل والتهميش، فما كان من بعض قيادات «مقاومة تعز»، وعدد من الناشطين المناهضين لـ«أنصار الله» و«المؤتمر»، حينها، إلا أن تقدموا بمناشدة إلى رئيس «اللجنة الثورية العليا»، محمد علي الحوثي، يطلبون فيها فتح أبوابهم لاستقبال جرحى «المقاومة»، وعلاجهم في مستشفيات صنعاء وتعز والمدن الواقعة تحت سيطرة «سلطة الأمر الواقع». وعلى الفور، وجه الحوثي بتشكيل لجنة للتواصل والاتصال مع الجرحى «المغرر بهم» في محافظة تعز، ممن يريدون تلقي العلاج في مستشفيات العاصمة صنعاء أو مستشفيات المدن الواقعة تحت سيطرة «أنصار الله».