تثير التحركات واللقاءات التي يجريها نائب الرئيس اليمني، علي محسن الأحمر، بقيادات السلطة المحلية والشخصيات الاجتماعية والقبلية في وادي حضرموت، الكثير من التساؤلات حول أسباب الاهتمام المتزايد الذي يبديه الأحمر بمديريات الوادي، الواقعة تحت هيمنة قيادة المنطقة العسكرية الأولى في سيئون، المحسوبة على تيار السعودية، التي باتت تكثف من نشاطها الاستخباراتي والعسكري في مناطق وادي حضرموت والصحراء، والتي تتواجد فيها المنشآت النفطية.
لقاءات
وجاءت اللقاءات التي عقدها نائب الرئيس اليمني بُعيد أيام من زيارة اللواء فرج سالمين البحسني، محافظ حضرموت، لمناطق وادي حضرموت، والتي تلقى خلالها اتصالاً من الأحمر كُرّس لمناقشة الوضع الأمني في مديريات داخل حضرموت، كما ذكرت وسائل الإعلام الرسمية الموالية لـ«الشرعية»، والتي يحلو لها دائماً حذف لقب «الأحمر» الذي اشتهر به نائب الرئيس؛ إذ تذكره، في الفترة الأخيرة، غالباً باسم «علي محسن صالح». وكان محسن التقى بقيادات السلطة المحلية والأجهزة الأمنية والمرجعيات القبلية والشخصيات الاجتماعية في وادي حضرموت، المحسوبة على تيار «إخوان اليمن»، والموالية للسعودية.
وذكرت مصادر محلية، لـ«العربي»، أن اللقاءات التي جرت في منطقة الوديعة تمت بعلم محافظ حضرموت، وبتنسيق مباشر مع إدارته، وأتت بغرض «طلب الدعم المادي واللوجستي من الفريق الأحمر لمساندة الخطط الأمنية والعسكرية التي تعتزم قيادة المحافظة تنفيذها من أجل ضبط الأمن بمناطق الوادي».
تحركات عسكرية
من جهة أخرى، تثير التحركات العسكرية التي يقوم بها اللواء 37 ميكا في منطقة الخشعة، الواقعة بين حضرموت وشبوة، مخاوف من وقوع مواجهات بين القوات الموالية للأحمر وبين قوات «النخبة الحضرمية» و«النخبة الشبوانية» بهدف السيطرة على مواقع المنشآت النفطية.
وكانت قوات اللواء 37 ميكا تقدمت، السبت، نحو خطوط التماس مع قوات «النخبة الشبوانية» عند مفرق العَبر – سيئون، وتمركزت في منطقة الخشعة، على بعد 7 كليومترات من معسكرات «النخبة» الواقعة في منطقة العُقلة، قبل أن تنسحب لاحقاً وفق تفاهمات بين الطرفين لتفادي انفجار الموقف وخروج الوضع عن السيطرة.
ردود فعل
وفي أول رد فعل من «المجلس الإنتقالي الجنوبي»، الذي يعتزم إشهار فرعه في حضرموت نهاية الأسبوع، قال المتحدث الرسمي باسم المجلس، عضو هيئة الرئاسة، سالم ثابت العولقي، إن «تحركات القوات التابعة للواء الأحمر باتجاه مناطق في محافظتي حضرموت وشبوة، تؤكد أن عملية تحرير صنعاء وإسقاط الانقلاب لم تعد هدفاً حقيقياً للقوى التي ترفع راية الشرعية هناك».
وفي منشور له على صفحته في «فيس بوك»، اعتبر العولقي أن الهدف الرئيسي لتلك القوات يتمثل في «إسقاط عدن كعاصمة مؤقتة علاوة على مناطق الجنوب الأخرى، وإغراقها في الفوضى، والعبث بها خدمياً وأمنياً، بغرض إعادة الجنوب مرة أخرى إلى باب اليمن». وأضاف العولقي أن «ما على الجنوبيين إدراكه في هذه اللحظة التاريخية الفارقة، هو أن الجنوب ليس بمأمن من عبث القوى المخاتلة في صف الشرعية، والتي لم تقطع صلتها بالحوثي والمخلوع، حتى اليوم، وفق استراتيجية المصالح». وأشار العولقي إلى أن «المجلس الإنتقالي الذي ينتمي إليه قادر على ردع كل عدوان، وإسقاط كل مؤامرة تستهدف قضيته وتطلعاته ومكتسبات حراكه الجنوبي ومقاومته الجنوبية».
آراء
وتباينت ردود الفعل والآراء حول تحركات نائب الرئيس اليمني في كل من حضرموت وشبوة، ففي الوقت الذي رأى فيه كثيرون أن تلك التحركات خطوات ممهدة لفرض سيطرة حزب «الإصلاح» على المنشآت النفطية في المحافظة، لم يستبعد فريق آخر أن تكون محاولة لتحييد المناطق الغنية بالنفط والغاز من تداعيات الصراع والحرب الدائرة في اليمن، خصوصاً مع تزامنها مع لقاء الأحمر مبعوث الأمين العام للأمم المتحدة إلى اليمن، إسماعيل ولد الشيخ أحمد، السبت، في العاصمة السعودية الرياض، لمناقشة القضايا المتعلقة بتحقيق السلام في اليمن.
وبهذا الصدد، يعتقد الكاتب، هاني مسهور، أن تحركات الفريق الأحمر تأتي استباقاً لاستعدادات حكومة هادي «لإتمام عملية بيع جديدة لنفط حضرموت، تُقدّر بمليونَي برميل من ميناء الضبة في المكلا، وبقيمة مالية تبلغ أكثر من 100 مليون دولار أمريكي».
لقاء الوديعة
من جهته، لايجد الإعلامي، سند بايعشوت، مبرراً مقنعاً لـ«لقاء نائب الرئيس علي محسن الأحمر، المقرب جداً من الرياض من زمان أكثر من هادي، ورجلهم القوي في اليمن، قيادة الوادي المحلية والأمنية والعسكرية في الوديعة مؤخراً». ويضيف بايعشوت، في منشور على حسابه في « فيس بوك»، أن «المهم الذي أريد أن أستوعبه حتى اللحظة، لماذا يسجل الوادي أكثر من حضور، وكأنه تحت رهان الأحمر السياسي، الذي لم يلتق البتة بالحاكم الحضرمي وربما فشل في عدة محاولات إن لم أكن مخطئاً. لكن الأحمر استطاع أن يوصل رسالته لعدن، لاسيما بعد بيان المجلس الانتقالي الأخير».
ويتابع بايعشوت: «فالأحمر بعتبر الخطوات التي أعلن عنها الانتقالي خطوطاً حمراء، وهذا ما يفسر تعمدهُ نشر صور اللقاءات التي يجريها بالعمق الاستراتيجي لحضرموت في خبر رسمي أذاعته الوكالة الحكومية، ليقول، بلا مواربة، بأنه أيضاً له حضور في الجنوب عبر بوابة حضرموت».