منبر كل الاحرار

ياسر عرفات في عدن  … تاريخ الجنوب المشرف مع فلسطين يتعرض للتشويه

الجنوب اليوم | خاص

 

لم يكن أبناء المحافظات الجنوبية يوماً ضد المقاومة الفلسطينية، وعلى مدى ستون عاماً كانت الجنوب مع فلسطين وفي السلم والحرب، ومنذ العام 1970، تحولت مدينة عدن ومنطقة رأس عمران إلى معسكرات تدريب خاصة بحركات المقاومة الفلسطينية، هذا التاريخ الثوري الكبير، يدمر اليوم بأيدي جنوبية بتوجيهات إماراتية، فلم يكن أبناء هذه المحافظات في صف الطغاة، بل وقفت وقاتلت مع حركات المقاومة الفلسطينية في بيروت وفي الأراضي الفلسطينية المحتلة في ثمانينيات القرن الماضي.
فمدينة عدن التي حضرت أدوات الإمارات فيها التضامن مع الشعب الفلسطيني الذي يباد من قبل قوات الاحتلال الإسرائيلي منذ السابع من أكتوبر، كانت حاضنة عربية لحركات المقاومة الفلسطينية ضد الاحتلال الإسرائيلي، ومساجدها التي منع الحديث فيها عن ماسي الشعب الفلسطيني وعن عدالة قضيته وأصبحت تلك المنابرة متاحة لمن يرغب في القدح بحركة حماس وتكفيرها من أجل الحصول على رضى الإمارات التي تحولت إلى مركز اختراق للمنطقة لصالح إسرائيل.

ومن مدينة عدن التي تحدى الرئيس الفلسطيني الراحل، ياسر عرفات، الرئيس الأمريكي، رونالد ويلسون ريغان في ثمانينات القرن الماضي، وأطلق عبارته الشهيرة ” لا سلام للضعفاء والركع، السلام للأقوياء يتحقق بالبندقية وتقام الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس “، يعرض اليوم أدوات الإمارات أنفسهم  على الأمريكي للقتال لصالح إسرائيل وتعلن فصائل جنوبية في بيان رسمي استعدادها حماية الملاحة الإسرائيلية في البحر الأحمر والعربي ومضيق باب المندب .
اليوم طرقت الولايات المتحدة، الخميس، بوابة المجلس الانتقالي التابع للإمارات لكي يقوم بحماية المصالح الإسرائيلية ، في خطوة تشير إلى ترتيبها لتصعيد عسكري جديد مع فشلها في كسر الحصار الذي تفرضه صنعاء على الاحتلال الإسرائيلي في البحر الأحمر ومضيق  باب المندب ضد السفن الإسرائيلية أو العاملة لصالحها.

وأفادت وسائل إعلام الانتقالي بأن المبعوث الأمريكي لدى اليمن تيم ليندركينغ طالب خلال لقاء مع رئيس الانتقالي عيدروس الزبيدي ، بالتنسيق مع القوات الأمريكية لمواجهة المخاطر المحدقة بالملاحة الإسرائيلية في خليج عدن وباب المندب والبحر الأحمر  في إشارة إلى تكليفه بالمراقبة والتجسس ، وكان الزبيدي، وفق المصادر ذاتها، أبدى خلال لقائه بليندر كينغ  جاهزية فصائله للعمل تحت إمرة القوات الأمريكية لتأمين الملاحة وحماية سفن الكيان.
ويسود الاعتقاد بأن عدن ومدن جنوبية أخرى، والتي استقبلت الآلاف من عناصر حركة فتح في ثمانينيات القرن الماضي بالإضافة إلى قيادات جبهة النضال الفلسطينية ورموز الحركات المقاومة ضد إسرائيل، وسمحت السلطات الحرة في عهد الرئيس علي ناصر محمد ومن قبلة سالمين، بفتح مراكز تدريب عسكري وفتح معسكرات في عدن، ومولت اليمن الجنوبي الفلسطينيين بالسلاح السوفيتي النادر في سياق رؤيتها القومية العربية، أصبحت في عهد الموالين للإمارات الذين يتغنون بتل أبيب وينشدون زيارتها تخلو من أي فلسطيني.
تاريخ جنوب اليمن المساند للقضية الفلسطينية مشرف ، يتحدث الكاتب الصحفي المعروف ، صلاح السقلدي عن قصة حدثت في الثمانينات ، عندما بعث الرئيس الفلسطيني ، ياسر عرفات ، السفير عباس زكي إلى مدينة عدن لطلب سلاح نادر سوفيتي ، وكانت موسكو ترفض نقلة إلى أي دولة حينذاك ، ويقول زكي أن أبو عمار ، قال له ” الإسرائيليون يقصفونا بضراوة في حي الفاكهاني ، فأنا سمعت –  والكلام لعرفات – أن مع اليمنيين بعدن سلاح متطور –مضاد طيران عيار 100ملم يستخدم بالكمبيوتر ومداه أكثر من 30كم، أُريدك أن تأتي لنا بواحد منه  لصدّ الغارات الاسرائيلية هنا، فذهبتُ إلى الرئيس علي ناصر محمد- والكلام هنا لعباس زكي- وقال لي  يصرف على الفور، فتوجهت إلى مطار عدن ووجدتُ معهم بطارية واحدة من هذا السلاح لحماية المطار يديرها خبراء سوفييت، فأتاني السفير الروسي بعدن على إثر هذا الموضوع وقال لي: أنت طالب سلاح؟، قلتُ له نعم، قال :أنت بدك تقطع علاقتنا مع اليمن الجنوبي؟، قلت له :لا أبداً، فقال لي: هذا سلاح استراتيجي لا يمكن نقله إلى أي مكان.  قلت له: روح شوف الرئيس علي ناصر فأنا لن أرفض سلاح يأتيني من أحد، فذهبَ السفير الروسي إلى الرئيس ناصر وكان رد الرئيس: إذا كان التعاقد بيننا وبينكم سيخرج فلسطين من المعادلة فسنعيد النظر في هذا التعاقد، لأن فلسطين هي الشطر الثالث لليمن ولن نعز “نبخل” عنهم بشيء.. وبالأخير أخذنا السلاح إلى بيروت، وأتى الشهيد خليل الوزير” أبو جهاد” ومعه مهرة من المقاتلين ليتدربوا عليه حتى اتقنوا العمل على ذلك السلاح الذي استخدموه بوجه الطيران الاسرائيلي مرة واحدة، ولم يعد يأتي الطيران لقصف الفاكهاني مرة أخرى).

وجراء المساندة الكبيرة التي قدمها أبناء الجنوب مع القضية الفلسطينية، استضافة وتدريب ودعم بالمال والسلاح لحركات المقاومة، خططت إسرائيل في العام 1985، بضرب معسكرات الفلسطينيين في عدن، وتم إبلاغ السلطات من قبل قادة عدد من الدول، تلك المواقف التي  لاتزال محل فخر واعتزاز لكافة أبناء المحافظات الجنوبية، فماذا سيكتب التاريخ عن رئيس الانتقالي الجنوبي التابع للإمارات ، عيدروس الزبيدي الذي أعلن تأييده اتفاق ابراهام وأدان قتل الإسرائيليين وعبر عن رغبته في بناء علاقات دبلوماسية مع الصهاينة ، وأعلن رفضة محاصرة إسرائيل في البحر الأحمر ومضيق باب المندب ، وعرض على تل ابيب المساعدة والمساندة والقتال لصالحها ، ومع ذلك يبقى الرهان على الشارع الجنوبي الذي يقف مع القضية الفلسطينية ويعلن رفضه لكافة جرائم الاحتلال الإسرائيليين بحق الشعب الفلسطيني .

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com