شهدت عدن في خلال العام 2017، كثيراً من الأزمات، وتدهوراً في الخدمات الأساسية والأعمال الإرهابية واغتيالات طالت رجال دين، واندرجت كلها ضمن التصفيات السياسية، كما شهدت حراكاً سياسياً تمثل بتشكيل المجلس الانتقالي الجنوبي، برئاسة اللواء عيدروس قاسم الزبيدي، والذي تمخض عنه إعلان «الجمعية الوطنية».
ونشطت الأعمال الإرهابية خلال العام المنصرم في المدينة بشكل كبير جداً، في سابقة لم تسجلها عدن من قبل، كما بلغ تردي الخدمات ذروته، إذ بلغ عدد ساعات الانطفاءات في خدمة التيار الكهربائي في فصل الصيف إلى عشرين ساعة، وانهيار في خدمة المياه، وأزمة وقود حادة، وانتشار لوباء مرضي الكوليرا والخناق (الدفتيريا).
«إزدهار» الإرهاب
لم تقتصر الأعمال الإرهابية على الاغتيالات الفردية في المدينة، بل طالت كثيراً من المرافق الحكومية، أمنية وغير أمنية. ففي هذا العام شهدت المدينة، بتاريخ 21 مايو، انفجارات لمخزن الأسلحة في مصنع الغزل والنسيج في مديرية المنصورة. وفي 13 يوليو، نفذ مسلحون عملية سطو مسلحة على فرع البنك الأهلي في المنصورة، قُتل على إثرها مدير البنك عبدالله سالم النقيب، وإصابة الحارس، فيما كان العمل الإرهابي في 5 نوفمبر هو أسوأها في عدن، حيث استهدف انتحاريون مقر البحث الجنائي بسيارة مفخخة وانتحاريين، وسيطروا عليه لـ 14 ساعة.
وأفادت مصادر طبية في مستشفى الجمهورية، بأن «عدد القتلى بلغ 40 قتيلاً، وصلت جثامينهم ثلاجة المستشفى، منهم 23 من قوات الأمن و17 جثة أخرى معظمهم من السجناء والموظفين، وجرح 65 آخرين»، وأكدت المصادر ذاتها أن «7 من المهاجمين قتلوا، فيما سلم واحد منهم نفسه للأمن». في تاريخ 14 من الشهر نفسه، استهدف مبنى لقوات «الحزام» الأمني في الشيخ عثمان حي عبد العزيز بسيارة مفخخة، مخلفاً 9 قتلى و16 جريحاً، بينهم مدنيين.
وفي 29 نوفمبر، تم استهداف وزارة المالية بخور مخسر ما خلف قتيلاً وأربعة جرحى، وكان مبنى الوزارة قد تعرض لحريق من قبل مجهولين في 16 أغسطس.
12 ديسمبر، داهمت قوات مكافحة الإرهاب معملاً للسيارات المفخخة في القاهرة في مدينة عدن وتمكنت من قتل عناصر الخلية.
الاغتيالات
طالت الأعمال الإرهابية في عام 2017، التي شهدتها مدينة عدن، رجال دين وأئمة مساجد. فخلال فترة وجيزة، اغتيل ستة منهم، وهو ما جعلها ظاهرة خطيرة لم تسجلها المدينة من قبل.
وبدأت هذه العماليات باغتيال إمام وخطيب جامع «زايد» في مدينة عدن، الشيخ ياسين العدني، بتفجير عبوة ناسفة زرعت في سيارته، في العاشر من أكتوبر. وفي 18من الشهر ذاته، اغتيل الشيخ فهد اليونسي، إمام وخطيب مسجد «الصحابة»، بالمنصورة في عدن. وقال مصدر مقرب من أهل القتيل اليونسي، إنهم عثروا على جثته في الحي حيث اغتيل، وهو ذاهب لصلاة الفجر في المسجد. وفي 22 من الشهر نفسه، نجا الشيخ محمد علي الناشري من محاولة اغتيال فاشلة. في فجر 28 أكتوبر، شهدت المدينة اغتيال إمام وخطيب جامع «سعد بن أبي عادل الشهري»، في حي مدينة إنماء السكنية، وهو ثالث إمام يغتال خلال ثلاثة أسابيع.
وفي 27 نوفمبر، تبنى تنظيم «الدولة الإسلامية» (داعش)، عملية اغتيال الشاب خلدون مداح في المنصورة بعدن، بعد يومين من اغتيال العقيد حمود المخلافي، عقيد في بحث وتحريات شرطة الشيخ عثمان.
في 5 ديسمبر، اغتيل خطيب وإمام مسجد «الصحابة» في حي المنصورة، الشيخ عبد الرحمن بن ناجي العمراني، أثناء خروجه من منزله، وكان الشيخ العمراني تسلم إمامة مسجد «الصحابة» قبل أيام، عقب مقتل سلفه الشيخ فهد اليونسي الذي قتل في حادث مماثل.
في الـ12 من الشهر ذاته، اغتال مسلحون مجهولون، القيادي السلفي وإمام وخطيب مسجد «عبد الرحمن بن عوف»، الشيخ فائز فؤاد، في حي التقنية في مديرية المنصورة، أمام منزله بست طلقات نارية، وهو سادس شيخ يُقتل في عدن منذ العاشر من أكتوبر الماضي برصاص مجهولين.
وخلقت حالات الاغتيالات المتكررة لخطباء وأئمة المساجد في عدن، حالة من الرعب والقلق، بعد أن أصبحت ظاهرة تؤرق الجميع، حيث بلغت عمليات الاغتيال لرجال الدين 17 عملية خلال عام ونصف، فضلاً عن العمليات الأخرى التي طالت القيادات العسكرية والسياسية والناشطين.
تحولات سياسية
ومثّل تاريخ 27 أبريل، نقطة التحول وبداية النهاية لفك الشراكة والتحالف السياسي بين مكونات جنوبية وحكومة «الشرعية»، حيث أصدر الرئيس عبدربه منصور هادي، قراراً أقال بموجبه كلاً من وزير الدولة هاني بن بريك، مع إحالته للتحقيق، ومحافظ عدن اللواء عيدروس قاسم الزبيدي، ومحافظ حضرموت اللواء أحمد سعيد بن بريك، ومحافظ شبوة اللواء أحمد حامد الملس، ومحافظ سقطرى اللواء سالم السقطري.
قررات سبقتها حملات إعلامية شعواء، تصدرها أنصار ونشطاء «الإصلاح» و«المؤتمر»، وتزامنت مع احتفالات جنوبيين بذكرى إعلان علي صالح الحرب على الجنوب عام 1994، والتي سمّاها بالحرب «ضد الردة والانفصال»، الأمر الذي اعتبره الجنوبيون رسالة من «الشرعية» لإعادة تكريس الاحتلال مرة أخرى.
وجاءت هذه القرارات، بعد اجتماع الرئيس هادي مع أعضاء مجلس الدفاع الوطني بحضور نائبه الفريق الركن علي محسن الأحمر (إصلاح)، ورئيس الوزراء د. أحمد عبيد بن دغر (مؤتمر).
وكشف اللواء بن بريك في حينه، أن السبب في إقالته من منصبه يعود لرفضه تبديد ثروة محافظة حضرموت، متهماً حكومة «الشرعية» بعمليات فساد كبرى، موضحاً أن «مشروع إقالته قد بدأ بدعم عدن بالمشتقات النفطية».
4 مايو 2017، شهدت عدن حشداً جماهيرياً تم فيه إعلان عدن التاريخي، وخوّل بموجبه الزبيدي إنشاء مجلس جنوبي. وفي الـ11 من الشهر ذاته، تم الإعلان عن الهيئة الرئاسية والمكونة من 26 شخصية جنوبية برئاسة الزبيدي. في 21 مايو (يوم إعلان فك الارتباط) شهدت عدن فعالية حاشدة لتأييد المجلس الانتقالي المُعلن عنه وتفويضه لتمثيل شعب الجنوب. وفي ذكرى ثورة 14 أكتوبر، التي احتفل بها في ساحة الشهيد مدرم بمدينة المعلا، أُعلن المجلس الانتقالي عن تشكيل جمعية وطنية تابعة لـ«المجلس»، لتكون بذلك بمثابة برلمان جنوبي.
في 16 نوفمبر، قدم محافظ عدن عبدالعزيز المفلحي، استقالته رسمياً، والتي أوضح فيها أنها ناتجة عن الفساد المالي الذي تقوم به حكومة «الشرعية».
في 30 نوفمبر، أعلن الانتقالي بساحة الشهيد الجنيدي بكريتر أثناء الاحتفال بعيد الاستقلال الخمسين من الاستعمار البريطاني عن أسماء أعضاء الجمعية الوطنية المكونة من 303 أعضاء يمثلون كل مديريات ومحافظات الجنوب.
في 23 ديسمبر، دشنت الجمعية الوطنية للانتقالي بعدن أولى جلساتها بالإعلان عن تعيين اللواء أحمد سعيد بن بريك رئساً للجمعية، ونيابة أنيس لقمان، وأعلن خلالها كذلك عن تشكيل وزارة الدفاع الجنوبية.
وعقب يوم واحد من الاجتماع أصدر الرئيس هادي قراراً أقال بموجه آخر ثلاثة أعضاء في هيئة رئاسة المجلس الجنوبي من مناصبهم بحكومة الشرعية، وهم: وزير النقل مراد الحالي، ومحافظ لحج ناصر الخبجي، ومحافظ الضالع فضل الجعدي، وهي القرارات التي أكد محللون سياسيون أنها سياسية ناتجة عن تفاهمات بين قوى وأطراف في حكومة «الشرعية»، وفي مقدمتها «حزب الإصلاح»