منبر كل الاحرار

اليمن ساحة خلافات عميقة بين السعودية والإمارات

الجنوب اليوم | صحافة 

 

تطرح هيمنة أبوظبي على كثير من الملفات في المنطقة تساؤلات عن مستقبل التحالف الرباعي بين دول الحصار، خصوصا في ظل التغيرات السياسية في عواصم القرار تجاه المنطقة والتناقضات في المصالح والأجندات بين السعودية والإمارات.

وقد رصدت تقارير اعلامية عربية وعالمية مؤشرات كثيرة تضارب المصالح بين ابوظبي والرياض مما يعزز التوقعات بفض التحالف بين الطرفين في مرحلة قد لا تكون قريبة لكنها تبدو حتمية.

وتعد اليمن ساحة الخلافات الكبرى بين البلدين حيث تمضي أبوظبي في مخططها في السيطرة الكاملة على جنوب اليمن، لما يمثله من بعد استراتيجية للنفوذ والسيطرة البحرية في الشرق الاوسط من ناحية، ومد خطوط تحالفها الدولي وتثبيته مع القوى الكبرى، بينما تقف المملكة العربية السعودية عند هذا الحد بلا رؤية في مقاومة الرغبة الإماراتية في السيطرة على البحر الأحمر، وهو ما تراه الرياض بمثابة التدخل في نطاقها الاستراتيجي.

هيمنة إماراتية

وحسب دراسة بحثية بعنوان “الخلافات الإماراتية السعودية وتأثيراتها باليمن” نشرت على موقع «الجزيرة نت»، فإن سيطرة الإمارات على محافظة حضرموت اليمنية وميناء المكلا على بحر العرب؛ يعني تركيز هيمنتها على الخط البحري لنقل نفط الخليج من جانب، وخنق السعودية والخليج مستقبلًا من جانب آخر.

ويقول مختار الرحبي مستشار وزير الاعلام والمستشار السابق لرئيس اليمن إن الامارات دخلت المناطق الجنوبية كدولة حليفة لاستعادة الشرعية ومن أجل هدف كبير وهو استعادة الدولة من أنياب الانقلابيين لكن بعد تحرير المناطق الجنوبية بدأت تعمل لحسابها وقامت بتشكيل قوات عسكرية خارج اطار الدولة مع أن الرئيس كان قد أصدر قرارا بدمج كافة التشكيلات المسلحة التى شاركت في معارك التحرير في إطار الجيش والأمن، لكن هذه التشكيلات رفضت الدمج وظلت مدعومة من الامارات حتى اليوم وهذا يضعف الدولة الشرعية.

وفي هذا السياق يقول رئيس المرصد اللبناني للعلاقات الدولية والإستراتيجية الدكتور وليد عربيد لـ الشرق: إن الافتراق السعودي الاماراتي يبدو أمرا حتميا لابد من حصوله في نهاية المطاف بسبب التناقضات الاستراتيجية الكبيرة والخلافات السياسية غير المعلنة في التعاطي مع ملفات إقليمية ودولية.

ويشير د. عربيد إلى ان التحالف السعودي الاماراتي لا يستند الى جذور تاريخية بين البلدين، حيث ان تاريخ العلاقات بينهما في العقود السابقة كان عاديا وغير متميز، وانطوى على كثير من التباين في عدد من المحطات المفصلية. ولذلك فقد قام هذا التحالف على عوامل ظرفية ومصالح شخصية جمعت بين ولي عهد ابوظبي وولي عهد السعودية حيث تجمعهما الرغبة في السلطة المطلقة في بلديهما وفي المنطقة.وبالتالي فان التحالف لم يقم على أساس المصالح الاستراتيجية بين الشعبين والبلدين.

ويقول د. عربيد: إن التحالف بين هذين البلدين الخليجيين جاء نتيجة لحظة يتيمة من التقاء المصالح في مواجهة المشروع الايراني في اليمن، ومن ثم الأزمة المفتعلة في معاداة قطر في إطار غطاء دولي وتحديدا أمريكي.

خلافات حول النفوذ

إلا أنه مع التورط السعودي والاماراتي في المستنقع اليمني، بدأت الخلافات تظهر حول أحقية نيل النفوذ هناك، فساندت كل من السعودية والإمارات قوى مختلفة ومتنافسة، تماما كما حصل حين تبنت الدولتان نهجين متناقضين تجاه الحرب السورية.

وأضاف عربيد: صحيح أن السعودية والإمارات لديهما الكثير من المصالح الإستراتيجية المشتركة، وعلى الرغم من وجود لجنة تعاون وتنسيق أمنية واقتصادية بينهما، إلا أن قراءة الديناميكيات الجيوسياسية داخل دول الخليج تكشف أن تحالف الدولتين هو أضعف مما هو ظاهر، ومن الحتمي أن ينتهي شهر العسل بينهما، بمجرد أن يسحب الغطاء الدولي أو الضوء الأخضر الأمريكي ذلك أن عواصم القرار بدأت تتحرك على نحو مغاير في الخليج والشرق الاوسط مما سيبدل في العوامل التي قام عليها تحالفهما، فلا المجتمع الدولي مستعد لان يغطي حربا ضد ايران، وكذلك الحال بالنسبة لقطر التي اصبحت خطا أحمر من قبل عواصم القرار يمنع الاقتراب منه.

ويختم بالقول: كلما تلاشت العوامل الظرفية والاقليمية التي قام عليها التحالف كلما اقترب موعد نهايته لأنه لن يبقى منه سوى تحالف العلاقة الشخصية.

علمانية مقابل ثيوقراطية

وذكر تقرير نشرته صحيفة الاخبار اللبنانية أن الإماراتيين يبالغون في تقدير حجم القوة المتوافرة لديهم. في ظنهم أن «علمانيتهم» المفترضة قبالة ثيوقراطية السعودية، و«عالمية» عاصمتهم أبوظبي، وقدرتهم المالية على ابتياع مواقف وشخصيات وتشكيل لوبيات، وأداء سفيرهم «الأكثر تأثيراً» في واشنطن يوسف العتيبة، واشارت الصحيفة الى انه في اليمن، وتحديداً في الشق الذي باتت تعتبره الإمارات «مستعمرة صافية» لها، تتسارع التطورات المنبئة بانقلاب دراماتيكي في المزاج العام ضد أبوظبي، بعدما بات واضحاً لمن كانوا حتى فترة قريبة ينافحون عن السياسات الإماراتية ويرفضون أي مساس بأربابها، أن أبوظبي لا تريد لليمنيين الجنوبيين إلا البقاء «متسولين على أبواب الهلال الأحمر الإماراتي»، على الرغم من امتلاكهم ثروات ومرافق حيوية وأيادي عاملة.

وقالت الصحيفة: لم تطابق حسابات حقل الإمارات، ومعها السعودية، سواء في المرحلة التي بلغت فيها خلافاتهما في اليمن ذروتها أو في مرحلة التهادن التي تعيشانها راهناً، حسابات البيدر اليمني شديد التعقيد، والذي تتجاوز صعوبات العمل فيه بأشواط حدود ما تراءى لأبوظبي والرياض مع بدء الحرب.

لعبة تتجاوز حجمهم

من جهته قال الاعلامي إبراهيم الأمين، إن الإماراتيين انطلقوا في لعبة تتجاوز حجمهم، أو على الاقل، تتجاوز ما عرفه العالم تقليدياً عنهم. وهو تجاوز جعل الإمارات تنخرط مباشرة في أدوار دموية، فيها الكثير الكثير من الإنفاق، وفيها التوسع غير المستند الى أساسات قوية، وفيها أكثر من ذلك التورط في جرائم تحصد عشرات الآلاف من المواطنين العرب من العراق وسوريا، الى القرن الأفريقي واليمن وليبيا وحتى فلسطين وهو دور تتحفظ عليه السعودية.

وأشار إلى أن أبوظبي تمارس دور البلطجي. ويبدو الأمر محبَّباً، وسهلاً، عند حكام ابوظبي أو المرتزقة العاملين بالأجرة. وهم، بالمناسبة، من جنسيات عربية وأجنبية، ولهم باع طويل في أعمال الفتنة والقمع والترهيب والقتل أيضاً. ولديهم، إلى جانب «خبراتهم»، شبكاتهم وعلاقاتهم في أكثر من منطقة من العالم.وقال ان ما جعل ابوظبي تعزز هذا النوع من النشاط، أنها وجدت من يتطوّع ويعرض خدماته في أكثر من دولة عربية مقابل أموال أو خدمات، منها تأمين عفو السيد الأبيض في الغرب.

إلى جانب ذلك، يضيف الأمين: أظهرت الأحداث في ليبيا، ثم اليمن، وفي بعض دول القرن الأفريقي، أن حكام أبوظبي لا يتورعون عن القيام بأبشع الأعمال ضد خصومهم. ليس من خلال تمويل الحروب الأهلية هناك، أو تزويد القتلة بالأسلحة والأموال، بل حتى في التورط مباشرة، من خلال إرسال قوات وعتاد وأموال، لتقوم القوات الإماراتية نفسها بعمليات إجرامية كبيرة، وفتح سجون تشبه سجون النازيين والصهاينة في أوروبا وفلسطين، حيث لا مجال لمعرفة مصير نزلائها. كذلك، تمول الإمارات العصابات الإجرامية التي تقوم بعمليات تصفية لكل من يخالف سياساتها في اليمن والمنطقة. وتتولى مرتزقة الإمارات في جنوب اليمن عشرات عمليات الاغتيال ضد شخصيات سياسية ودينية وأهلية محسوبة على خصوم أبوظبي وهو الأمر الذي لا يروق للسعودية.

جريدة الشرق
WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com