موجة تطرّف تجتاج الجنوب والمناطق «المحررة» برعاية إمارتية – سعودية – سلفية – وهابية – جهادية – إخوانية، ترتدي بزة «الجيش الوطني» وتشكل قوام قوات «الحزام الأمني». تعتلي منابر المساجد وتقدم «إرهاب مودرن» في الجامعات والمدارس، تربط التجربة الإشتراكية في الجنوب بالدعارة والمجون وشرب الخمر، وتصف العولمة بالعبودية.
على مدى 7 أيام مضت، نفذ شيوخ من السلفية الجهادية والإخوانية «أسبوع تحطيم الأصنام» في جامع السعيد بمدينة تعز. وبحسب النائب في البرلمان عن حزب «الإصلاح» الشيخ عبدالله أحمد علي العديني، فقد «كان أسبوعاً دعوياً هادفاً كرست برامجه لتحطيم الأصنام ومن أكبرها العلمانية، الليبرالية، الحداثة، القومية، الديمقراطية، الدولة المدنية، مخرجات الحوار الوطني». وأضاف «لقد شهد الأسبوع الدعوي محاضرات وندوة نارية تحرق الإصنام للشيخين محمد الذبحاني، ومحمود القاضي، وهتف الشيخ الذبحاني وهتف الحاضرون بعده بشعار إسلامية … إسلامية … لن نرضى بالعلمانية».
وتحت حماية «المقاومة» و«الجيش الوطني» يواصل الشيخ العديني، وهو عضو «هيئة علماء اليمن» التي يرأسها عبدالمجيد الزنداني، خطبه ومحاضراته في جامع «النور» بمدينة تعز، يحرّم الإختلاط في المقاهي، ويجرّم عرض الدمى في المحال التجارية، لتثمر فتاواه مع بقية شيوخ السلفية، سلسلة إغتيالات والتحاق العشرات من شباب تعز بالجماعات والتنظيمات المتطرفة.
عقب اختتام «أسبوع تحطيم الأصنام»، وبحسب مصادر محلية لـ«العربي»، شهد مسجد «السعيد» عراكاً بين سكان حي عصيفرة وخطيب المسجد محمد الذبحاني، بسبب رفضهم لخطبه ومحاضراته المتطرّفة، وقدموا شكاوى للجهات الأمنية، لكن المصادر أكدت أن الشيخ الذبحاني «يستقوي على سكان الحي بكتائب حسم، التي يقودها السلفي الإخواني عدنان زريق، والذي عينه الرئيس هادي قائداً للواء الخامس حرس رئاسي، إلى جانب قيادة حسم، ومنحه رتبة عميد».
رعاية التطرّف
تدّعي أبوظبي والرياض شراكتهما للمجتمع الدولي في محاربة «الإرهاب»، في الوقت الذي تخصّص دعمها لشيوخ السلفية الجهادية وتلاميذهم في اليمن، الذين هم اليوم قوام قوات «الحزام الأمني» في عدن الذي يقف وراء معظم عمليات الإغتيالات لعسكريين وناشطين حقوقيين وخطباء مساجد مخالفين، كما أن طلاب «مركز دماج» وفروعه هم اليوم قوام كتائب «أبوالعباس»، و«حسم»، واللواء الأول، والثاني، والخامس حماية رئاسية، و«لواء الفتح»، و«الوحدة»، التي يقودها عادل عبده فارع، وعدنان زريق، وبسام المحضار، ومهران القباطي، وأحمد الكينعي، وعبيد بن الآثله، وجميعهم تلاميذ مقبل بن هادي الوادعي، ويحي الحجوري، ولم يسبق لهم الإلتحاق بالجندية ولا بكلية عسكرية، لكنهم اليوم «حزام أمني وجيش وطني» يخوض قتالاً مذهبياً ويؤسّس لصراعات طويلة.
ولم يتوقف دعم الجماعات المتطرفة عند ذلك، فخلال الأسبوع الماضي خرجت نساء مديرية قشن بمحافظة المهرة في تظاهرة منددة بمشروع سعودي إماراتي لتوطين سلفيين من أكثر من محافظة وبلدة، وإيوائهم في مدينة سكنية يراد لها أن تكون بؤرة لزعزعة إستقرار المهرة وسلطنة عُمان.
كما كشفت مصادر موثوقة لـ«العربي»، عن «توافد مجاميع من السلفيين إلى قاعدة العند ومعسكرات في محافظة شبوة، لتدريبهم للقتال ضد أنصار الله، تحت قيادة العميد طارق محمد عبدالله صالح، الذي تعده أبوظبي كبديل للجناح العسكري لحزب الإصلاح».
جامعة تعز 
واستغلالاً للفوضى وتنامي نفوذ الجماعات والتنظيمات المتطرفة في المناطق «المحررة» بدأ الفكر السلفي بالتسرب إلى الجامعات، ففي جامعة تعز كشفت مصادر لـ«العربي»، أن «رئيس قسم الدراسات الإسلامية في كلية الآداب الدكتور علي عبدالله حميد، إستبدل مقرَّر الثقافة الإسلامية لمجموعة من الباحثين بملزمة هو مؤلفها تحوي شروحات له بتحيز أيديولوجي لثقافة حسن البنا، والولاء والبراء، وتفسيرات للماركسية والشيوعية والعلمانية بمفاهيم دينية ضيقة بعيدة عن أصل هذه النظريات وجوانبها العلمية»، مضيفةً أن «استاذ الثقافة الإسلامية يختزل في ملزمته الشيوعية في المجون والفسق وشيوع أولاد الزنا، كما يسطح مفاهيم ونظريات، ويرجع سبب هزيمة حزيران 1967 م في مصر إلى مجون الجيش المصري وشربه الخمر».
مستقبل مظلم 
وفي جامعة عدن، كشف الصحافي عبدالرحمن أنيس، عن أن «مادة الثقافة الإسلامية لطلاب كلية التربية، تفسر التعددية السياسية بفصل الدين عن الدولة، وأنها شعارات للحملة الأمريكية على الإسلام، ويؤيدها بعض من يتظاهرون بالحرص عليه».
وأضاف أنيس، في منشور له بصفحته على «فيسبوك»، أن «مادة الثقافة الإسلامية، التي تُدرّس في جامعة عدن، تهاجم حقوق الإنسان، وتقول إن المراد منها حقوق الإنسان الغربي المستعمر، كما تقول إن العولمة هدفها العودة الى مرحلة العبودية، وإن الديمقراطية تناقض حكم الله».
كل ذلك يكشف ملامح مستقبل مظلم، ويمهد لحقبة «طالبانية» في اليمن.