منبر كل الاحرار

سياسة فرق تسد لها سوق رائجة في حضرموت

الجنوب اليوم | مقال

 

كتب / عبدالله بريك بامقيشم

لم أكن أنوي الحديث عن الفعاليات السياسية السلمية التي شهدتها حضرموت في الأيام الماضية؛ لكن ما دفعني لذلك قراءتي لمنشور لسياسي محنك كنت أتابع منشوراته نظرا لالتزامه بمبادئه –مع اختلافي معه- ثم رأيته قد حاد عن ذلك؛ وأيد فعالية تتناقض مع مبادئه انطلاقا من انحيازه لفئته الاجتماعية الضيقة ومبررا ذلك بأن الفعالية تتبع تكتيكا سياسيا قائم على المكايدة وإفشال الخصوم واستغلالا للتناقضات الاجتماعية في حضرموت مع اعترافه بأن الفعالية قد أدت إلى الفرز الاجتماعي وتمزيق المجتمع طبقيا وما المشكلة في ذلك فالجميع يلعب على وتر التناقضات الاجتماعية!!!

لقد تأذيت نفسيا وتألمت لهذا الموقف السياسي المستهتر بالمبادئ والمتهتك سلوكيا, والمخرب اجتماعيا. وقد كانت عندي عقدة نفسية من السياسة والسياسيين فاستحكمت حلقاتها وزاد بغضي ونفوري من السياسة والسياسيين.

فأعود لأقول إني تابعت الفعاليات السياسية السلمية التي شهدتها حضرموت التي قامت بها توجهات سياسية متباينة في أهدافها وشعاراتها (دولة حضرموت- يمن الأقاليم- انفصال الجنوب)؛ والتي لم تنقطع إلى الآن؛ وكل توجه يحاول حشد أكبر عدد من الأنصار؛ وأنا في الحقيقة لست تابعا لأي توجه؛ لكن تداعت إلى ذهني مجموعة من الانطباعات والملاحظات والمؤاخذات يمكن إجمالها في الآتي:

– التظاهر السلمي للتعبير عن الرأي حق كفله الدستور لكن بما لا يخل بمفهوم السلمية ومن ذلك بروز المظاهر المسلحة فينبغي إدانة أي فعالية يرفع فيها السلاح ومطالبة السلطة بمنعها.

– يبدو أن قيادة تلك التوجهات قد وصلتها معلومات حول وجود ترتيبات للوضع النهائي لحضرموت وفق المخططات الدولية التي تنفذها دول الإقليم؛ وكل قيادة تريد أن تحظى بحصة مناسبة في الترتيبات القادمة ولذلك تحاول حشد أكبر عدد من الأنصار بأي وسيلة بغض النظر عن المفاسد والتداعيات الضارة المترتبة على بعض الوسائل من حيث تمزيق وحدة الحضارم وإثارة الفتن بينهم.

– نحن نحتاج إلى وقفة حول مفهوم التعبير عن الرأي الذي خرج لنا البعض بخصوصه بخلطة غريبة جديدة تخل بقواعد اللعبة المتعارف عليها, فمن المعهود في السابق خروج فعالية سياسية يرفع فيها علم واحد يعبر عن وحدة رأي الداعين لها والمشاركين فيها. أما أن تخرج فعالية ترفع علمين يعبران عن توجهين متضادين تكون نتيجتها الفشل في بيان رأيها للناس وتقدم رسالة مشوشة معتمة؛ فمثل هذا السلوك بحاجة إلى وقفة تقييمية. وهو سلوك غير مبرر منطقيا إلا إذا كان أصحابها يتبعون رأي أحد زنادقة الفلاسفة العابثين المستهترين الذي يرى صواب الآراء المتعارضة المتضادة تبعا لاختلاف زاوية الرؤية؛ وتأسيسا على ذلك يمكن أن تخرج فعالية للتعبير عن الرأي السياسي وهي تحمل أعلام الوحدة والانفصال ودولة حضرموت!!! وهذه في الحقيقة (زندقة) و(هرطقة) و(تهتك) و(شذوذ) سياسي!!!

– ليس من حق أي توجه سياسي أو اجتماعي أو قبيلة من القبائل أن تتحدث باعتبارها تمثل حضرموت والحضارم وتختزل رؤية الحضارم ومطالبهم في رؤيتها ومطالبها الضيقة, فلا يتحدث أي مكون أو قبيلة إلا عن رؤيتهم خاصة لا رؤية الحضارم عامة.

– مع احترامي للقواعد الشعبية للتوجهات السياسية السابق ذكرها؛ لكن مما يؤسف له أن قياداتها مرتهنة للخارج الذي لا يريد خيرا لحضرموت فكل القيادات تتبع (الكفيل) وتتلقى منه الدعم ثم تخرج لتنفذ أجندته في تفريق كلمة الحضارم وتمزيق صفوفهم بما يمكن لعدوهم الطامع في خيراتهم.

– من أخطر الآثار التي نتجت عن تلك الفعاليات تمزيق الحضارم اجتماعيا وفرزهم وفق تقسيم طبقي موروث من عهد السلاطين وما ترتب على ذلك من القضاء على الأخوة الدينية ومستلزماتها؛ دون أن تحقق شيئا من مطالبها السياسية.

– أنصح الدعاة وأساتذة الجامعات والمثقفين والوجاهات الاجتماعية بعدم الانخراط في تلك الفعاليات وأن يقفوا مسافة واحدة من قياداتها وأن تكون مهمتهم الدعوة إلى وحدة كلمة الحضارم ولملمة صفوفهم والحفاظ على الأخوة الدينية والقيام بحقوقها ومستلزماتها.

– نحن في أمس الحاجة إلى جماعة تعمل على وحدة الحضارم اجتماعيا والقضاء على أسباب التفرق. فينبغي علينا أن نسعى جميعا لتشكيل تلك الجماعة منطلقين من قناعة راسخة أكدتها الأحداث تلو الأحداث وهي أن المدخل الصحيح لوحدة الحضارم أساسه الجانب الاجتماعي.

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com