تحذيرات من التصعيد في عدن: لـ«عدم تكرار المآسي»
الجنوب اليوم | صحافة
تقف مدينة عدن، جنوب اليمن، على أعتاب تطورات يمكن أن تُفقد قيادة «التحالف» زمام التحكم بالخلافات المستفحلة بين أطراف النفوذ هناك، والتي ظلت على مرّ الأشهر الماضية مضبوطة بإرادة خارجية فحواها الحفاظ على التوليفة القتالية غير المتجانسة المنضوية تحت لواء السعودية والإمارات.
وفي انتظار ما يمكن أن تسفر عنه التظاهرة التي ستشهدها المدينة يوم الأحد للمطالبة بإسقاط حكومة أحمد عبيد بن دغر، تدور التوقعات حول إمكانية أن يقدم الرئيس المستقيل، عبد ربه منصور هادي، بإيعاز سعودي، على إجراء تعديلات حكومية وإدارية، بهدف امتصاص موجة الغضب التي أثارتها سلسلة تطورات شهدتها عدن خلال الأسابيع الماضية.
وتكثّفت، يوم أمس، دعوات قيادات «المجلس الانتقالي» وقيادات ما تسمى «المقاومة الجنوبية» المحسوبة عليه إلى المشاركة في التظاهرة التي ينظمها المجلس غداً في ساحة العروض في مديرية خورمكسر، بعد انتهاء مهلة الأسبوع التي منحها لهادي لإقالة رئيس حكومته وإحالته إلى المحاكمة. وصدرت، أمس الجمعة، سلسلة بيانات من محافظات جنوبية مختلفة حضّت المواطنين على «الزحف إلى عدن» لتدشين البرنامج التصعيدي ضد حكومة ابن دغر، مُعلِنةً برامج التحرك صوب مكان الفعالية التي شدد «الانتقالي» على «طابعها السلمي». وإلى جانب تلك البيانات، برزت دعوات من قبل شخصيات أكاديمية وثقافية وإعلامية مؤيدة لـ«المجلس» إلى المشاركة في الفعالية التي «تمثل إرادة عدن»، في «إسقاط حكومة موبوءة بالفساد». وفيما استبعد بعض من تلك الشخصيات انزلاق «الانتقالي» إلى الصراع المسلح، نبه آخرون إلى أن التصعيد الذي سيبدأ سلمياً قد يتحول إلى أشكال أخرى «في حال ظل الرئيس هادي صامتاً».
هذه الأشكال المحتملة هي ما حذر منه، أمس، الرئيس الجنوبي الأسبق علي ناصر محمد، داعياً إلى «ضبط النفس والتحلي بالحكمة وتحكيم العقل، والاحتكام إلى لغة الحوار لحل أي اختلافات في وجهات النظر». وحث ناصر، في بيان، الجنوبيين على «التمسك بقيم التصالح والتسامح التي أثبتت جدواها وصلاحيتها في الحفاظ على الوحدة الوطنية والحراك السلمي»، منبهاً إلى أن «التحريض على العنف والعنف المضاد لا يجلب سوى الويلات والهلاك، وأن المنتصر مهزوم، ونحذر الجميع من اللعب بالنار». كما حض ناصر الجنوبيين على أن «يستفيدوا من دروس الماضي، ولا يكرروا مآسيه»، في إشارة إلى الحرب الأهلية التي شهدها جنوب اليمن عام 1986، والتي تعود لتطلّ بشبحها كلما احتدم التشاحن بين الفرقاء الجنوبيين المتوزعة ولاءاتهم على غير طرف.
وبالتوازي مع صدور تلك الدعوة «العقلائية» عن الرئيس الجنوبي الأسبق، صدر ما يشبهها في المضمون ــ وإن غايرها لناحية الشكل ــ عن الزعيم الجنوبي، حسن باعوم. إذ نفى الأخير، عبر رئيس «الحركة الشبابية والطلابية» الجنوبية الموالية له، فادي حسن باعوم، الأنباء التي تحدثت عن تأييده الدعوات إلى إسقاط حكومة ابن دغر. ووصف باعوم تلك الأنباء بأنها «غير صحيحة» و«محض افتراء وكذب»، لافتاً إلى أن «موقف الزعيم واضح وضوح الشمس، وأي تصريح عنه سيكون عبر مكتبه أو المجلس الأعلى للحراك الثوري».
موقفا ناصر وباعوم، تتسع، يوماً بعد يوم، دائرة التأييد الشعبي لهما، بعد التبدلات التي طرأت على المزاج العام في جنوب اليمن عموماً، ومدينة عدن خصوصاً، إزاء السياسات السعودية والإماراتية، وكذلك أداء «المجلس الانتقالي». وفي ما يتصل بهذا الأخير، يسود اعتقاد بأن ثمة خيبة أمل كبيرة لدى مؤيديه مما آل إليه وضعه، في ظل عجزه حتى عن انتزاع اعتراف إماراتي بـ«شرعيته»، وضعفه عن الإيفاء بوعوده التي كان قد قطعها لجمهوره. وعليه، لا تدور التوقعات حول إقبال «ضخم» على الفعالية المرتقبة يوم الأحد، من النوع الذي كان «الانتقالي» يستطيع تحقيقه في الأيام الأولى لولادته، وهو ما قد يسهم في خفض مستوى التوتر داخل المدينة. لكن استمرار التراشق السياسي، مترافقاً مع تأهب في مختلف المعسكرات المتوزعة على مراكز النفوذ في عدن، يبقي احتمال التصادم قائماً، ما لم تبادر قيادة «التحالف» الى إرساء تسوية مؤقتة، قد يكون من ضمن متطلباتها إرجاء جلسة مجلس النواب المزمع عقدها في عدن في شهر شباط/ فبراير المقبل.