منبر كل الاحرار

عدن: أسطح المنازل تحكي فصول المأساة.. وسخرية القدر من وعود “دبي الجديدة

الجنوب اليوم | عدن

 

بينما كانت الإمارات تَعِدُ بتحويل عدن إلى “دبي جديدة”، ها هي المدينة تتحول إلى مسرحٍ لمأساة إنسانية تكشف زيف الوعود ومرارة الواقع. في مشهدٍ يُجسِّد تدهور الأوضاع المعيشية والخدمية والأمنية،  في مشهدٍ يعكس الانهيار الكارثي للأوضاع في عدن، انتشرت ظاهرة تأجير أسطح المنازل كحلٍ أخير أمام السكان المحاصرين بين شِقّي الرحى: إيجارات خيالية تلتهم الرواتب، وانقطاع كهرباء متواصل يدفعهم إلى حافة الهاوية. ما كان يوماً مجرد مساحات خرسانية، تحول اليوم إلى “وحدات سكنية” بلا أدنى مقومات الحياة الكريمة، و”مزارع طاقة شمسية” تسخر من فشل المشاريع الوهمية التي وُعد بها أهل الجنوب.

 

تتكشف المأساة عبر مشاهد العائلات المكتظة فوق الأسطح، تتنازعها أشعة الشمس الحارقة ليلاً نهاراً، بينما يلجأ آخرون إلى استئجار نفس هذه المساحات لتركيب ألواح شمسية بأسعار خيالية، كحل وحيد لمواجهة انقطاع الكهرباء الذي تجاوز 20 ساعة يومياً. هذه “الحلول الشعبية” التي يُروّج لها أحياناً كعلامة على “المرونة اليمنية”، ما هي إلا صرخة مدوية تُدين الوضع المزري الذي وصلت إليه المدينة التي كان يُفترض أن تتحول إلى “دبي جديدة” وفق الوعود الإماراتية.

 

لكن الواقع يسخر من كل تلك الادعاءات. فعدن اليوم، بعيداً عن أضواء المشاريع الإعلامية، تتحول إلى مدينة أشباح حيث:

– المعيشة أصبحت رفاهية لا يقدر عليها إلا القلة

– الخدمات الأساسية تحولت إلى أحلام بعيدة المنال

– الأمن غدا سلعة تُباع وتُشترى في سوق الميليشيات

 

بينما تُزهق كرامة الإنسان يومياً على أسطح المنازل، تبرز المفارقة القاسية: أين مشاريع “الإعمار” التي وُعد بها الناس؟ أين الكهرباء المستدامة؟ أين حلول الإسكان؟ الأسطح التي أصبحت مساكن للفقراء ومنصات للطاقة البديلة تروي قصة مختلفة تماماً عن تلك التي تروجها وسائل الإعلام الموالي. إنها قصة مدينة تُدفع ثمن حروب الآخرين، بينما يُترك أهلها يواجهون مصيرهم بقوة تحملهم التي توشك على النفاد.

 

في النهاية، لم تعد هذه الظاهرة مجرد مؤشر على الأزمة، بل أصبحت شاهداً حياً على الانهيار الشامل الذي طال كل جوانب الحياة في عدن. مدينة كان يُفترض أن تكون نموذجاً للازدهار، تحولت إلى مختبر للمعاناة الإنسانية، حيث يكافح الناس يومياً للبقاء فوق السطح – حرفياً ومجازياً – في تحدٍ صارخ لكل الوعود الزائفة.

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com