منبر كل الاحرار

ميناء «بلحاف»: بين السطو الإماراتي وصمت «الشرعية»

الجنوب اليوم | العربي  

 

ألحقت سيطرة قوات «النخبة الشبوانية» التابعة للإمارات، على ميناء بلحاف لتصدير الغاز المسال وعدد من الحقول النفطية بمحافظة شبوة، ضرراً بالغاَ بالاقتصاد، في ظل ظروف صعبة وانهيار متسارع لاقتصاد البلاد. يأتي ذلك بعدما مثَّل إنشاء هذا المشروع وافتتاحه في العام 2006، بارقة أمل كبرى لإنعاش الوضع الاقتصادي الهش في المحافظة والجنوب واليمن.

إحكام السيطرة
منذ شهر أغسطس في العام 2017، تحكمت قوات «النخبة الشبوانية» المدعومة إماراتياً، في مفاصل المحافظة وفرضت سيطرتها الكاملة على الميناء الاستراتيجي الذي يقع على بعد 150 كيلومتراً عن مدينة عتق عاصمة المحافظة، ويعد ثاني أضخم مشروع غازي في الشرق الأوسط يقوم بتصدير الغاز المسال، عبر الأنبوب الرئيسي الممتد من محافظة مأرب حتى ساحل بحر العرب.
وسيطرت تلك القوات أيضاً على مدينة عتق عاصمة المحافظة ومديريات عزان، ورضوم، والعقلة، وحبان وبلحاف، وهي مناطق نفطية حيوية واستراتيجية، بتسهيل ومساعدة مباشرة من المحافظ المُقال أحمد حامد لملس، الذي فرضته أبو ظبي على الرئيس هادي، ثم شرعت بإشرافه في تجنيد وتدريب قوات «النخبة» من أبناء المحافظة، قبل أن تنشرها في عدد من مديريات المحافظة نهاية العام 2017.

اشتباك!
بعيد سيطرة قوات «النخبة» بأسابيع قليلة، طرأ توتر عسكري، في الميناء الاستراتيجي بين قائد حماية شركة «بلحاف» الغازية، خالد العظمي، وقيادة القوات الإماراتية، على اثر رفض الأول أوامر وتوجيهات ضباط إماراتيين عدة مرات، كما يؤكد مصدر عسكري لـ«العربي».
ويضيف المصدر أن رفض العظمي للأوامر الإماراتية، «دفعها إلى إرسال قائد موال لها، يعمل ضمن القوة التي يقودها العظمي، لتنفيذ تلك الأوامر التي رفضها، في عملية أشبه بالانقلاب على الرجل، نتج عنه تلقي العظمي تهديدا إماراتيا، باستهدافه بالطيران الحربي التابع لها، الأمر الذي أدى إلى مزيد من التوتر بينهما، قبل أن تتدخل وساطة قلية موالية للإمارات لإطلاق سراحه وتهدئة الوضع»، مضيفاً «بعدها باشر العظمي بتوزيع علم اليمن الموحد على القوات التابعة له، ووضعه على أسطح وبوابة المنشأة، في تحول ينبئ عن مواجهات مؤجلة قد تكشفها الأيام».

لا حول للحكومة
ويقول الصحفي نبيل أحمد لـ«العربي»، إن «هذه السيطرة العسكرية للقوات الإماراتية، التي عززت باتخاذ رئيس أركان الجيش الإماراتي الفريق حمد الرميثي من الميناء مقراً لتواجده وقاعدة لقواته في المنطقة الاستراتيجية التي تتوسط محافظتي حضرموت ومأرب، بدأها بطرد القوات الرسمية المكلفة بحراسة المنشأة وإحلال قوات من النخبة بدلا عنها».
ويضيف «وبلغت هذه السيطرة ذروتها بمنع وزير النقل في حكومة بن دغر صالح أحمد الجبواني من الدخول إلى الميناء في فبراير الماضي، والتداعيات التي تركها هذا المنع الذي كشف عن مدى إحكام أبو ظبي قبضتها على المواقع الاستراتيجية في المحافظات الجنوبية».

السيطرة تتوج بتصدير الغاز
بعد حادثة منع وزير النقل حينها من الدخول إلى الموانئ الواقعة في محافظة شبوة، باشرت دولة الإمارات بتصدير أول شحنة من الغاز المسال من ميناء بلحاف الغازي في شبوة إلى ميناء أبو ظبي، بحسب مصادر محلية.

حاكم الجنوب الفعلي
وبحضور الرميثي، الذي يسميه ناشطون بـ«الحاكم الفعلي للجنوب»، دشنت الإمارات سيطرتها على الميناء بتصدير أول شحنة غاز طبيعي مسال نهاية شهر فبراير الماضي من الميناء، بعد سنوات ثلاث من توقف تصدير الغاز المسال، وهو ما ألحق ضرراً بالغاً بالاقتصاد الوطني، في ظل الظروف الصعبة التي فرضتها الحرب على السكان وصمت حكومة هادي على هذا الإجراء، الذي وصفه ناشطون حينها بـ«الاستعمار السافر».

الحكومة تناشد وأبو ظبي ترفض!
مصادر خاصة في محافظة شبوة أكدت لـ«العربي»، أن الحكومة باشرت بمخاطبة أبو ظبي بامتعاضها من هذا الإجراء، في ظل احتياج محلي كبير للغاز، مؤكدة أن أبو ظبي تجاهلت هذه المطالب ولم تعرها أدنى اهتمام، بل وباشرت بتوسيع انتشار قواتها ونفوذها العسكري والسياسي في باقي مناطق محافظة شبوة.
ورأى مراقبون أن هذه الإجراءات الإماراتية في محافظة شبوة، كشفت عن المرامي والأطماع الإماراتية، من خلال السيطرة على غاز المحافظة وتموين السوق الإماراتية في ظل الأزمة الحادة مع دولة قطر.
وحول ذلك، يقول المحلل السياسي ناصر العجوة لـ«العربي»، إنه «من خلال المتابعة البسيطة لخارطة انتشار قوات النخبة الموالية للإمارات، سيلحظ بوضوح، أن أبو ظبي تسعى جاهدة إلى نشر تلك القوات في المناطق التي تحتوي على الثروة الغازية، أكثر من تواجدها في المناطق ذات الثروة النفطية، تاركة بعض الحقول النفطية للقوات الموالية لحكومة هادي والسعودية».

هل استلمت الحكومة ثمن السكوت؟
ويوضح العجوة «أن تصدير الشحنة الأولى من غاز شبوة ومأرب إلى الإمارات، ستتبعه شحنات أخرى كما تؤكد المعطيات»، مضيفاً «هناك اتهامات لحكومة الرئيس هادي بصمتها مقابل ثمن أعطي لها».
ويختتم بقوله: «يظل السؤال الذي ستكشف الأيام عن إجابته، عن ماهية الصفقة التي أبرمتها الإمارات مع حكومة هادي وقيمة الشحنة ومن قبض ثمنها؟»

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com