الجنوب اليوم | صحافة

 

صلاح السقلدي

الزيارة  التي يقوم بها حالياً الوفد الأمني الإماراتي إلى العاصمة الإيرانية طهران والتنسيق الأمني بين البلدين الذي أعلن عنه من هناك يوم الثلاثاء30 تموز يوليو بعد توقف دام عدة سنوات  لم يشكّـــل هذا أية مفاجأة لكثير من المراقبين – على الأقل لكاتب هذه السطور-،حيث وأن هذه الزيارة تأتي بعد أسابيع فقط مِـــن قرار الإمارات بسحب قواتها العسكرية من شمال اليمن ,وفي غمرة التصريحات الإماراتية المكثفة التي تؤكد على أن الاستراتيجية الإماراتية اليوم باتت تتركز  في هذه الفترة باتجاه استراتيجية العمل السياسي بدلاً عن استراتيجية العمل العسكري.

هذا الانفتاح الإماراتي تجاه إيران لا شك أن له علاقة بتوتر الأوضاع بالخليج ،ويشير ” الانفتاح ” الى رغبة اماراتية جامحة بتليين أجواء علاقتها السيئة مع جارتها القريبة إيران اتقاءً لصواريخها وغواصاتها في حال نشوب أية مواجهة شاملة تسعى أمريكا للزج بدول الخليج في أتونها خدمة لمصلحة اسرائيل الأمنية، فالأمارات كما نعرف تقع على مرمى حجر إيرانية وستكون أكثر الدول ضررا وتدميرا في أي نشوب  مواجهة بالمنطقة, وهي الدولة الزجاجية الرقمية المدللة والتي تتخذ من أمنها واستقرارها العامل الرئيس والمغري  للجذب وللحفاظ على استثماراتها الهائلة، وهي التي  التي حافظت على علاقاتها التجارية مع جارتها إيران برغم حالة العداء والقطيعة السياسية بين الطرفين، وتأمل من خلال هذه الزيارة أن تحافظ على هذه العلاقة وعلى المصلحة التجارية وتعززها ، ولكن هذه العوامل على أهميتها -بالنسبة للمصلحة الأمنية والتجارية الإماراتية-  لم تكن لتكفي أن تتخذ الإمارات قرار الزيارة الأمنية لطهران  إن لم تكن قد صرفت نظرها فعلياً عن فكرة الحسم العسكري باليمن ,بعد تعثرها طيلة قرابة خمسة أعوام مضت, وبعد إخفاقها الواضح بإنشاء قوة سياسية وعسكرية قوية بالشمال اليمني يمكن من خلالها أن تكون حليفا  مستقبليا في قادم المراحل لحفظ مصالحها باليمن  (وهي التي أستطاع برغم خفاقها العسكري والسياسي بالشمال أن تضع لها موطئ قدم اقتصادي وعسكري  بالجنوب) ولتقويض خصميها  اللدودين حركتَــي :الحوثية” أنصار الله,  وإخوان اليمن “حزب الإصلاح”، وتسد بهذه القوة التي لم تر النور الفراغ السياسي والعسكري الشاغر بالمناطق الخارجة عن سيطرة الحركة الحوثية لئلا يقوم إخوان اليمن بشغلها أو حدوث تفاهمات بين الحركتين، خصوصا بعد تدهور العلاقة بين التحالف والإمارات بالذات وبين حزب الإصلاح برغم انضواء هذا الحزب تحت مظلة التحالف ويعتبر حليفا مفترضا  للتحالف  كما وانه يشكل القوة الأكبر بما يسمى بالسلطة والحكومة ” الشرعية” المسنودة من هذا التحالف، وفي ظل إحجام القطاع الواسع من القوة العسكرية والحزبية لحزب المؤتمر الشعبي العام ” حزب الرئيس صالح” من الانضمام الى القوات العسكرية والحزبية التي انسلخت عن الحزب في صنعاء والتي يقودها أي القوة العسكرية نجل شقيق صالح العميد طارق مما شكل هذا خيبة إماراتية كبرى من  الوصول الى صنعاء بل للظفر بمدينة الحُــديدة ومينائها الحيوي جعلها أي الإمارات في نهاية المطاف تعرض عن التوجه صوب العمق الشمالي بل وصوب مدينة الحديدة التي تقف قوات موالية لها على مشارفها دون جدوى،ومكتفية بدلا عن ذلك بقوة عسكرية  شمالية وجنوبية  مشتركة هزيلة موالية لها بالشمال وبالساحل الغربي على وجه الخصوص بالتوازي مع قوات أمنية وعسكرية جنوبية كانت الإمارات قد جهزتها بعناية فائقة بالسنوات الماضية جُــلها تتبع أكبر القوى السياسية الجنوبية بالساحة هناك” المجلس الانتقالي الجنوبي”- قرابة 90ألف جندي مدرب بحسب مصادر إماراتية – فضلا عن  التأييد الشعبي  بالجنوب وإن كان هذا التأييد قد بدأ يشهد مؤخرا تراجعا حادا على خلفية تدهور الأوضاع المعيشية والأمنية وفي ظل حالة الاستقطاب السياسي الكبير وكمية الأموال الغزيرة التي تضخ من كل حدب وصوب بالداخل والخارج الى حضن النخب والشخصيات الجنوبية.

خلاصة القول أن  هذه الزيارة الأمنية الإمارتية لطهران وما يشهده اليمن من أخفاق عسكري خليجي بالشمال وتردي الأوضاع الخدمية والإنسانية بالجنوب ، وتصاعد السخط الدولي بوجه التحالف جرّاء استمرا سقوط  ضحايا  القصف الجوي والحصار الاقتصادي ,وفي وقت فشل فيه هذا التحالف  في  كسب حلفاء محليين له بالشمال فضلا عن  تفاقم  :” إخوان فوبيا”  التي تستبد بالعقل الإماراتي على خلفية الأزمة الخليجية  فأننا نشهد وسنشهد في قادم الأيام تحولاً  إماراتيا متسارعا أكثر مما هو حاصل اليوم بشأن الوضع باليمن بل وبشأن العلاقة مع إيران سيجرف معه بالتأكيد الموقف السعودي – المنهك –  باتجاه ما باتت أبوظبي تطلق عليه  باستراتيجية الحل السياسي برغم استماتة الرئيس ترامب وصقور إدارته على الإبقاء على هذه الحرب كمورد غزير وسوقا مزدهرة للسلاح الأمريكي الطافح/ ومن المتوقع عطفا على كل هذه التطورات أن يفتح فضاء أرحب على كل الصُــعد إن لم يحدث بالمنطقة خضة عسكرية كبرى.

رأي اليوم