منبر كل الاحرار

رغم وفاة اتفاق الرياض.. محاولات سعودية لإعادة نفوذ أدوات محلية على حساب المصالح الإماراتية

الجنوب اليوم | تقرير

 

 

لم يعد هناك شخص في المحافظات الجنوبية اليمنية سواءً من النخبة السياسية أو من عامة المواطنين لديه شك ولو 1% من أن اتفاق الرياض أصبح ميتاً، عوضاً عن كون هذا الاتفاق قد ولد ميتاً أساساً وذلك بالنظر إلى كون توقيع طرفي حكومة هادي من جهة والمجلس الانتقالي الجنوبي التابع للإمارات من جهة ثانية قد تم بالإكراه إضافة إلى كون بنود الاتفاق طُرحت وتم الاتفاق عليها بين السعودية والإمارات أساساً ولم يكن دور هادي والانتقالي سوى الحضور في الخامس من نوفمبر 2019 والتوقيع على الاتفاق الذي لم يقبل الطرفان ببنوده لكنهما لم يكن لديهما القدرة أو الجرأة على رفض التوجيهات السعودية والإماراتية.

حالياً تسعى السعودية وربما باتفاق مع المملكة المتحدة البريطانية إلى رمي كرة اتفاق الرياض إلى ساحة البريطانيين الذين يبحثون عن تثبيت أقدامهم من جديد جنوب اليمن وتحديداً على مستوى استغلال الموقع الجيوسياسي الاستراتيجي الذي تشغله اليمن على الخارطة الإقليمية ووقوع اليمن على واحد من أهم طرق الملاحة البحرية حول العالم وسيطرته على ثاني أهم مضيق في العالم.

توجه السفير البريطاني لدى اليمن ريتشارد اوبنهايم إلى عدن ولقائه بقيادات حكومة هادي على رأسهم معين عبدالملك رئيس الحكومة من جهة وقيادات المجلس الانتقالي الجنوبي الموجودين في عدن من جهة ثانية والتركيز في نقاشاته مع هذه القيادات على ضرورة تنفيذ اتفاق الرياض دليل على أن الرياض تخلت عن ملف اتفاق الرياض لصالح بريطانيا، غير أن ذلك لا يعني أن الرياض رفعت يدها عن الجنوب، فهي وفق مراقبين لن تترك جنوب اليمن ساحة مفتوحة للإمارات لتحقيق نفوذها ورغباتها غير المشروعة جنوب البلاد.

السعودية وفي مقابل عدم ترك الساحة للإمارات دفعت بوزراء الإصلاح للعودة إلى عدن مستغلة زيارة السفير البريطاني أبونهايم حيث دفعت بعودة وزير الداخلية المحسوب على الإصلاح، اللواء ابراهيم حيدان الذي كان قد استقر خلال الأشهر الماضية في مدينة سيئون بمحافظة حضرموت بالإضافة إلى إعادة الرياض لوزير الخارجية بحكومة المناصفة، احمد عوض بن مبارك برفقة السفير البريطاني.

ولا تزال السعودية تواجه عراقيل في سبيل إعادة وزراء هادي المحسوبين على الإصلاح إلى عدن، خاصة في ظل اشتراط الانتقالي الجنوبي عودة جميع أعضاء حكومة المناصفة إلى عدن شريطة عدم إحداث أي تغييرات داخل عدن على مستوى الوحدات الأمنية التابعة للانتقالي التي تفرض سيطرتها الكاملة على مدينة عدن، حيث يهدف من ذلك إلى إبقاء حكومة المناصفة تحت سيطرته الأمنية والتحكم كلياً بتحركات كافة الوزراء بهدف السيطرة على قراراتهم الإدارية وجعلها تصب في صالح الانتقالي وتوسيع نفوذه تدريجياً.

ويبقى أمام السعودية تحدٍ آخر يتمثل في تمسك وزراء الإصلاح بحكومة المناصفة بضرورة تغيير المنظومة الأمنية في عدن التي يتحكم ويسيطر عليها الانتقالي كشرط أساسي لعودتهم إلى عدن، وهو ما تهدف الرياض بالفعل لتنفيذه عبر الدفع بالملف الجنوبي إلى الإنجليز على اعتبار أن بإمكانهم إجبار الانتقالي على التخلي عن سيطرتهم الأمنية على عدن، ومن المحتمل جداً أن تنجح بريطانيا في إجبار الانتقالي على التنازل سواءً عبر الضغط المباشر أو عبر استخدام الإمارات التي تعد أداة من أدوات البريطانيين في المنطقة.

وقد لا تتمكن الرياض فعلاً من تحقيق مبتغاها في الجنوب بنسبة 100% إلا أن ضغطها الحالي سيقلص على الأقل من فرص تحقيق الإمارات مصالحها التي تتعارض مع الرياض في جنوب اليمن، فإن لم تتمكن الرياض من تحقيق أهدافها سواءً المرحلية أو الاستراتيجية جنوب اليمن فإنها وعبر الدفع بوزراء الإصلاح بالعودة إلى عدن ستعمل وستضمن على الأقل منع الإمارات من تحقيق أهدافها، وهو ما يعني بالمحصلة أننا أمام تجدد للصراع السعودي الإماراتي جنوب اليمن قد يتطور إلى جولة جديدة من الصراع المسلح.

وفي خضم هذا الصراع ستستخدم الأطراف الإقليمية (السعودية والإمارات) أدوات الحرب والضغط التقليدية التي ظل البلدان يستخدمانها طوال الأعوام الماضية في الجنوب كورقة المشتقات النفطية والحصار الاقتصادي وتغذية الصراعات القبلية البينية في الجنوب وحرب العملة وورقة الإرهاب.

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com