وصل العشرات من عناصر القوات الخاصة البريطانية إلى مديرية غيل باوزير الواقعة في وادي حضرموت شرقي اليمن، خلال الأيام القليلة الماضية، بالتزامن مع تعزيز القوات الأميركية تواجدها في مضيق باب المندب، وإنشائها غرفة عمليات بحرية في جزيرة ميون الاستراتيجية، في ما قرأته صنعاء على أنه «عمل استفزازي يتناقض مع الجهود الإقليمية والدولية التي تُبذل لإحلال السلام». وأفادت مصادر محلّية في وادي حضرموت بأن القوات البريطانية الجديدة حوّلت مزارع الشين في غيل باوزير إلى ثكنة عسكرية، ومنعت الأهالي من الدخول إليها والخروج منها، مشيرة إلى أنها أبلغت المعنيّين في المديرية برغبتها في التمركز داخل المنطقة الزراعية، وبدأت باستحداث حمايات عسكرية في محيطها، وسط رفض الأهالي بقاء تلك القوات في مناطقهم. وأشارت إلى قيام مليشيات موالية للإمارات، تسمّى «النخبة الحضرمية»، بتوفير الحماية للعناصر البريطانيين.

وأثار هذا الانتشار في المنطقة التي تتوسّط وادي وصحراء حضرموت الواقعين تحت النفوذ السعودي، وساحل المحافظة الخاضع لنفوذ الإمارات، عدداً من التساؤلات، ولا سيما أن قوات تابعة للبحرية الأميركية سبق لها أن أعادت الانتشار في المديرية نفسها، مطلع العام الماضي. واحتمل ناشطون موالون للتحالف السعودي أن يكون تمركز القوات البريطانية في المديرية الواقعة على بعد 43 كيلومتراً إلى الشمال الشرقي من مدينة المكلا، عائداً إلى السعي لمنع أيّ تصعيد محتمل بين القوى المتصارعة على المحافظة، خاصة وأن موقع غيل باوزير حوّلها إلى منطقة صراع بين أبو ظبي التي تعمل على التمدّد في وادي وصحراء حضرموت، والرياض التي تَعتبر أيّ توسّع للوجود الإماراتي هناك خطراً عليها. والواقع أن ذلك التقدير، إذا ما صحّ، إنما يشي برغبة في تعزيز الأوراق الإماراتية في منطقة الصراع تلك، إضافةً إلى التشويش على الجهود السعودية للتخارج من المأزق اليمني.

إلّا أن التحركات البريطانية في حضرموت تأتي، على ما يبدو، في إطار مخطّط بريطاني أوسع، تُقدّر مصادر استخباراتية في صنعاء أنه يشمل أيضاً محافظات شبوة وسقطرى ولحج والمهرة. وتوضح المصادر، في حديث إلى «الأخبار»، أن هذا المخطّط يأتي «ضمن استراتيجية بريطانية لتعزيز الوجود الاستعماري على السواحل الشرقية لليمن وفي جزيرة عبد الكوري في أرخبيل سقطرى، في مقابل الوجود الأميركي العسكري في الساحل الغربي لليمن»، مذكّرةً بأن «الجغرافيا والثروة اليمنيتَين احتلّتا رأس أجندات دول العدوان منذ اليوم الأول».
وبالتزامن مع تحرّكات إماراتية في ميناء بلحاف لتصدير الغاز اليمني المسال، تمثّلت في تبديل قيادة القوات الإماراتية وتعزيز تواجد الميليشيات الموالية لأبو ظبي في محيط المنشأة الواقعة ضمن مديرية رضوم الساحلية في محافظة شبوة، كشفت مصادر عسكرية عن توجّه بريطاني لنشر قوات تابعة للمملكة المتحدة في عدد من المناطق الاستراتيجية الواقعة على سواحل محافظة شبوة شرقي اليمن. وأشارت المصادر إلى قيام القائم بأعمال السفير البريطاني لدى اليمن، تشارلز هاربر، بالترتيب لذلك منذ أسابيع. وكانت أعلنت وسائل إعلام تابعة للسلطات المحلية في شبوة تلقّي محافظ المحافظة، عوض الوزير العولقي، الموالي للإمارات، اتّصالاً من هاربر عبر دائرة تلفزيونية تمّت خلالها مناقشة الملفات الأمنية والتنموية، إلّا أن مصادر قبلية في شبوة قالت إن العولقي ناقش مع المسؤول البريطاني نشر وحدات عسكرية بريطانية في عدد من مناطق شبوة، في إطار مساعي لندن للبحث عن موطئ قدم في المناطق الغنية بالثروات في شبوة وحضرموت، وذلك بدعوى «مكافحة الإرهاب والقرصنة».

أما عن تحرّكات أبو ظبي في منشأة بلحاف، فقد قالت مصادر متعدّدة، أحدها قبلي، إن أبو ظبي عملت خلال الأيام الماضية على تغيير قيادة قواتها وطاقمها الإداري بشكل كامل، على خلفية تعرّض القاعدة الإماراتية هناك لهجوم عسكري تَبيّن أن دوافعه خلافات مع قبائل المنطقة. ووفقاً للمصادر، فقد باشرت القيادة الجديدة عملها بالالتقاء بقيادة المليشيات الموالية لها ممثّلةً بـ ـ«دفاع شبوة» و«العمالقة»، ووجهاء ومشايخ رضوم الذين وعدت بضمّ أسمائهم إلى كشوفات المكافآت الشهرية بهدف كسب ولائهم، بالإضافة إلى تجنيد العشرات من أبناء المنطقة وإلحاقهم بمليشيات «خفر السواحل» في المديرية.