منبر كل الاحرار

14 أكتوبر.. ثورة لا تموت

الجنوب اليوم | خاص

 

ثورة 14 أكتوبر هي ثورة اشتعلت شرارتها في 14 أكتوبر 1963م، في الجزء الجنوبي من اليمن ضد الاحتلال البريطاني ، وانطلقت من جبال ردفان، بقيادة الشهيد المناضل راجح بن غالب لبوزة، الذي استشهد مع مغيب شمس يوم الثورة، وقد شنت السلطات الاستعمارية حملات عسكرية غاشمة استمرت ستة أشهر، ضربت خلالها القرى والسكان الآمنين بمختلف أنواع الأسلحة، واتّبعت قوات الاحتلال البريطاني في هجماتها وغاراتها على مناطق ردفان سياسة «الأرض المحروقة»، ومع ذلك فشلت الإمبراطورية البريطانية في مواجهة شعب الجبارين  من مختلف محافظات اليمن شمالة وجنوية الذين قاوموا الاحتلال في مختلف المدن حتى اجبروا المحتل الإنجليزي على الرحيل من ارض الجنوب  مذلولا مدحوراً.

أهداف ثورة 14 أكتوبر.

رسم ابطال ثورة 14 أكتوبر المجيدة بادئ وأهداف ثورتهم الأكتوبريه التي اتسمت بالشمول والإحاطة في الجوانب السياسية والاقتصادية والاجتماعية، وقامت الثورة لتحقيق الأهداف التالية:

1.  تصفية القواعد وجلاء القوات البريطانية من أرض الجنوب دون قيد أو شرط.
2.  إسقاط الحكم السلاطيني والتي يصنف بأنها رجعي.
3.  إعادة توحيد الكيانات العربية الجنوبية سيراً نحو الوحدة العربية والإسلامية على أسس شعبية وسلمية.
4.  استكمال التحرر الوطني بالتخلص من السيطرة الاستعمارية الاقتصادية والسياسية.
5.  إقامة نظام وطني على أسس ثورية سليمة يغير الواقع المتخلف إلى واقع اجتماعي عادل ومتطور.
6.  بناء اقتصاد وطني قائم على العدالة الاجتماعية يحقق للشعب السيطرة على مصادر ثرواته.
7.  توفير فرص التعليم والعمل لكل المواطنين دون استثناء.
8.  إعادة الحقوق الطبيعية للمرأة ومساواتها بالرجل في قيمتها ومسؤولياتها الاجتماعية.
9.  بناء جيش وطني شعبي قوي بمتطلباته الحديثة تمكنه من الحماية الكاملة لمكاسب الثورة وأهدافها.
10ـ انتهاج سياسية الحياد الإيجابي وعدم الانحياز بعيدا عن السياسات والصراعات الدولية.

معركة الاستقلال

بين الطلقة الأولى التي تفجرت شرارتها في الرابع عشر من أكتوبر 1963، من على قمم جبال ردفان على يد شهيد أكتوبر راجح لبوزة ـ وبين يوم إعلان الاستقلال الثلاثين من نوفمبر 1967م، مرت مراحل نضالية في سفر التاريخ الثوري اليمني الذي نحتفي اليوم بذكراه الستين، فثورة أكتوبر انتقلت من ردفان إلى مناطق اخرى في الجنوب اليمني، أستخدم الانجليز في عملياتهم الحربية ضد الثوار المدفعية الثقيلة والمدرعات وآلاف من الجنود. لكن الثوار كانوا صامدين حملوا على عواتقهم مهام نضالية كبيرة، وحملوا الأجيال القادمة وصية الحفاظ على أهداف الثورة ، فذلك الفجر المشرق لأكتوبر الأغر  لم يكن وليد الصدفة فقد مر بإرهاصات جمة وتمخض من رحم المعاناة التي أفرزها المستعمر البغيض، فقد سبق الثورة انتفاضات في مختلف مدن جنوب اليمن وحركة احتجاجات طلابية ونقابية واسعة وتنظيمات سرية اعتمدت الكفاح المسلح لمواجهة الاحتلال البريطاني وأدواته المحلية وعدة مؤتمرات انعقدت في عدد من المحافظات الخارجة عن الاحتلال البريطاني لتدارس انطلاق الثورة وتنظيم مسارها.

وبعد انطلاق شرارة الثورة الأولى من جبال ردفان تلتها عمليات ثورية وفدائية استهدفت الاحتلال البريطاني في مختلف المدن والقرى الجنوبية بالتزامن مع التفاف شعبي كبير في مختلف مدن الجنوب اليمني، وخلال أربع سنوات من الكفاح للتحرير، قدم أبناء الجنوب اليمني، أعظم التضحيات في سبيل الخلاص من جحيم المستعمر البريطاني بمشاركة مختلف الأطياف والتوجهات والتكوينات من الفعاليات الطلابية والنسائية والنقابية في مسيرة النضال من خلال المظاهرات والإضراب والكفاح المسلح.. تكللت في العام 1967م بإعلان استقلال الجنوب اليمني وتحرره بخروج آخر جندي بريطاني من مستعمرة عدن وكان الثلاثين من نوفمبر هو يوم الحرية وعيد الجلاء والاستقلال، لتعم الفرحة كل قرى ومدن اليمن شمالا وجنوبا.

لذلك خاضت الثوار معركتين الأولى عسكرية والأخرى معركة سياسية ودبلوماسية أدت إلى إقرار المحتل بحق مصير المحافظات الجنوبية واجبر تحت وقع الضربات والمقاومة على الرحيل من ارض الجنوب بعد 129 عاماً من الاستعمار والاحتلال، سوف نتطرق الى اهم محطات ثورة أكتوبر.

معركة الاستقلال العسكرية.

23 أكتوبر 1963، أصدرت قيادة الجبهة القومية لتحرير الجنوب اليمني المحتل بيان تم فيه الاعلان عن قيام الثورة من أعلى قمم ردفان الشماء في 14 أكتوبر 1963م وبداية الكفاح المسلح ضد المستعمر بكل أشكاله وصوره.
الكفاح المسلح

انطلق الكفاح المسلح ضد المستعمر البريطاني وأعوانه في إمارة الضالع بتاريخ 24 يوليو 1964 بقيادة علي احمد ناصر عنتر، عقب عودة عدد من الشباب من تعز الذين خضعوا فيها لدورة تدريبية عسكرية دامت شهرين لينضموا إلى صفوف الرجال العائدين من شمال الوطن بعد مشاركتهم في الدفاع عن ثورة 26 سبتمبر في صفوف الحرس الوطني.

وقد تلقى الثوار كل الدعم من إخوانهم في الشمال، فعاد قادتهم من تعز ومعهم السلاح والذخائر والقنابل اليدوية.

استهداف المندوب السامي

نفذ الثائر البطل خليفة عبد الله حسن خليفة في 10 ديسمبر 1963 عملية فدائية بتفجير قنبلة في مطار عدن في إطار الكفاح ضد الاحتلال البريطاني، وأسفرت عن إصابة المندوب السامي البريطاني (تريفاسكس) بجروح ومصرع نائبه القائد جورج هندرسن، كما أصيب أيضاً بإصابات مختلفة 35 من المسؤولين البريطانيين وبعض وزراء حكومة الاتحاد الذين كانوا يهمون بصعود الطائرة والتوجه إلى لندن لحضور المؤتمر الدستوري الذي أرادت بريطانيا من خلاله الوصول مع حكومة الاتحاد إلى اتفاق يضمن الحفاظ على المصالح الإستراتيجية لها في عدن. وكانت هذه العملية الفدائية التي أعاقت هذا المؤتمر هي البداية التي نقلت الكفاح المسلح ضد الاستعمار البريطاني من الريف إلى المدينة.

صدور قانون الطوارئ

اشتدت العمليات الفدائية على قوات الاستعمار وأصدرت قانون الطوارئ في 19 يونيو 1965 وحظرت بموجبه نشاط الجبهة القومية لتحرير الجنوب اليمني المحتل، واعتبرتها حركة إرهابية، وقامت بإبعاد 245 مواطناً من شمال اليمن.
هجوم الضالع.

في 30 يوليو 1965 هاجمت فرقة ثورية بقيادة علي احمد ناصر عنتر سرية بريطانية كانت قد تمركزت بنفس اليوم حول دار أمير الضالع، لتعزيز الحراسات لحمايته من هجمات الثوار، وأصيب خلالها القائد الميداني علي شائع هادي بثلاث طلقات رصاص. وفي 25 أغسطس 1965 رفضت الجبهة القومية نتائج مؤتمر جدة بين الرئيس جمال عبد الناصر رئيس الجمهورية العربية المتحدة، والملك فيصل بن عبد العزيز ملك المملكة العربية السعودية، ونعتته بـ«مؤتمر الخيانة»، ورفضت أي حلول أو تسوية مع الملكيين باعتبار ذلك تهديدا للنظام الجمهوري وإضعافا للثورة في الجنوب.

اغتيال قائد جيش البادية

في 28 يوليو 1966 نفذ فدائيون في حضرموت عملية قتل الكولونيل البريطاني جراي، قائد جيش البادية. وكان هذا الضابط هو الذي نفذ عملية اغتيال المناضلة الفلسطينية رجاء أبو عماشة عند محاولتها رفع العلم الفلسطيني مكان العلم البريطاني أثناء فترة الانتداب البريطاني لفلسطين.

استشهاد عبود

15 فبراير 1967 ، خرجت جماهير غفيرة في عدن في مظاهرات حاشدة معادية للاستعمار البريطاني وهي تحمل جنازة رمزية للشهيد مهيوب علي غالب (عبود) الذي استشهد أثناء معركة ضد القوات الاستعمارية في مدينة الشيخ عثمان.

سقوط كريتر

3 أبريل 1967 نفذ فدائيو حرب التحرير عدة عمليات عسكرية ناجحة ضد مواقع وتجمعات المستعمر البريطاني في مدينة الشيخ عثمان بعدن، كبدوا خلالها القوات الاستعمارية خسائر فادحة في الأرواح والعتاد، وسقط خلالها عدد من الشهداء في صفوف الفدائيين، وفي 20 من يونيو 1967 ، تمكِن الفدائيون من السيطرة على مدينة كريتر لمدة أسبوعين.

سقوط الضالع

21 يونيو 1967، سيطر ثوار الجبهة القومية في إمارة الضالع على عاصمتها ومعهم آلاف المواطنين الذين دخلوها في مسيرة حافلة يتقدمهم علي أحمد ناصر عنتر. وتبع ذلك سيطرة الجبهة القومية على مشيخة المفلحي في 12 أغسطس 1967 بعد أن زحفت عليها بمظاهرة كبيرة شارك فيها أبناء القرى والمناطق المحيطة بالمشيخة، وتوالى بعد ذلك سقوط السلطنات والمشيخات بيد الجبهة.
سقوط 3 سلطنات.

في تاريخ 12، أغسطس 1967م ، تمكنت الجبهة القومية لتحرير الجنوب من السيطرة العسكرية على مشيخة المفلحي، بعد أن زحفت عليها بمظاهرة كبيرة شارك فيها أبناء القرى والمناطق المحيطة بالمشيخة، وتوالى بعد ذلك سقوط السلطنات والمشيخات بيد الجبهة ، وفي السابع عشر من شهر سبتمبر من نفس العام  ، تمكنت الجبهة القومية على السيطرة  على السلطنة القعيطية التي كانت تسيطر على ساحل حضرموت وبعض مناطق وادي حضرموت ، وفي الثاني من أكتوبر 1967 ، تمكنت الجبهة القومية لتحرير الجنوب من السيطرة على السلطنة الكثيرية التي كانت تسيطر على مناطق حضرموت الداخل.

انشقاق الجيش الاتحادي

5 نوفمبر 1967 أعلنت قيادة الجيش الاتحادي في جنوب الوطن المحتل وقوفها إلى جانب الثورة ودعمها للجبهة القومية، بعد أن باتت غالبية المناطق تحت سيطرتها.

معركة الاستقلال السياسية.

في الجانب السياسي والدبلوماسي خاض ابطال ثورة 14 أكتوبر معركة واسعة النطاق على المستوى الداخلي والخارجي تكللت بانتزاع الاستقلال، نتطرق الى ابرز محطاتها .

11 ديسمبر 1963 ، صدر قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة، قضى بحل مشكلة الجنوب اليمني المحتل وحقه في تقرير مصيره والتحرر من الحكم الاستعماري البريطاني. وفي عام 1965 اعترفت الأمم المتحدة بشرعية كفاح شعب الجنوب طبقاً لميثاق الأمم المتحدة والإعلان العالمي لحقوق الإنسان.

اعلنت بريطانيا في 2 أكتوبر 1965 عن عزمها البقاء في عدن حتى عام 1968 مما أدى لانتفاضة شعبية عنيفة ضد البريطانيين في المدينة أسفرت عن خسائر كبيرة بشرية ومادية.

22 فبراير 1966 ، أصدرت الخارجية البريطانية «الكتاب الأبيض» والذي أعلن رسمياً قرار بريطانيا القاضي بمنح مستعمرة عدن والمحميات الاستقلال مطلع 1968.

6 أغسطس 1966 ، أعلنت الحكومة البريطانية اعترافها بقرارات منظمة الأمم المتحدة لعامي 1963 و1965 الذي أكدت فيه حق شعب الجنوب اليمني المحتل في تقرير مصيره.

8 مارس 1967 ، أصدرت الجامعة العربية قراراً  تشجب فيه التواجد البريطاني في جنوب اليمن. وفي 2 أبريل 1967 حدث إضراب عام شل كافة أجهزة العمل في مدينة عدن، دعت إليه الجبهة القومية وجبهة التحرير في وقت واحد.

14 نوفمبر 1967 ، أعلن وزير الخارجية البريطاني (جورج براون) ، أن بريطانيا على استعداد تام لمنح الاستقلال لجنوب الوطن اليمني في 30 نوفمبر 1967 وليس في 9 يناير 1968، كما كان مخططاً له سابقاً.

21 نوفمبر 1967، بدأت المفاوضات في جنيف بين وفد الجبهة القومية ووفد الحكومة البريطانية من أجل نيل الاستقلال وانسحاب القوات البريطانية من جنوب الوطن. وجرى في ختامها توقيع اتفاقية الاستقلال بين وفد الجبهة القومية برئاسة قحطان محمد الشعبي، ووفد المملكة المتحدة (بريطانيا) برئاسة اللورد شاكلتون.

26 نوفمبر 1967، بدأ انسحاب القوات البريطانية من عدن في 26 نوفمبر 1967، وغادر الحاكم البريطاني هامفري تريفليان.
30 نوفمبر 1967 تم جلاء آخر جندي بريطاني عن مدينة عدن، وإعلان الاستقلال الوطني وقيام جمهورية اليمن الجنوبية الشعبية، بعد احتلال بريطاني دام 129 عاماً

30 نوفمبر  1967م ، تم إعلان الاستقلال الوطني وقيام جمهورية اليمن الجنوبية الشعبية، وأصبحت الجبهة القومية لتحرير جنوب اليمن المحتل إبان حرب التحرير تتولى مسؤولية الحكم، وصدور قرار القيادة العامة للجبهة القومية بتعيين قحطان محمد الشعبي أمين عام الجبهة، رئيساً لجمهورية اليمن الجنوبية الشعبية لمدة سنتين، وإعلان تقسيم سياسي وإداري جديد للمحافظات الجنوبية والشرقية، يضم 6 محافظات و30 مديرية، وكان الاستعمار البريطاني قد عمل على تقسيم الجنوب إلى 21 إمارة وسلطنة ومشيخة، بالإضافة إلى مستعمرة محمية عدن، لكل منها كيانها السياسي والإداري وحدودها وعلمها وجواز سفرها وجهازها الأمني، والمرتبطة في الأخير بالمندوب السامي.

توحد الكيانات الجنوبية

بعد انتزاع الاستقلال وإعلان قيام دولة مستقلة، تم تنفيذ الهدف الثاني من اهداف ثورة أكتوبر والممثل، في توحيد أكثر من عشرين سلطنة وإمارة ومشيخة في كيان وطني واحد على قاعدة الولاء للثورة والمبادئ التي قامت لأجلها، وكان الاستقلال هو عتبة الانتقال إلى تحقيق بقية الأهداف الأخرى.

بعد انتصار الثورة تم توحيد كافة الكيانات الجنوبية التالية تحت مسمى جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية ، حيث تم الغاء -اتحاد الجنوب العربي الذي أقيم تحت الحماية البريطانية في 4 أبريل 1962 ، والمكون من 18 ولاية ن وتم ضم محمية الجنوب العربي التي تم إنشائها في 18 يناير 1963 كانت عبارة عن مجموعة من الإمارات والسلطنات والمشائخ تحت الحماية البريطانية بموجب معاهدات، الكيانات التالية تقع في حدود حضرموت التاريخية والتي كانت ضمن محمية عدن الشرقية والتي كانت تسع سلطنات ، وتم حل محمية الجنوب العربي بعد استقلال جنوب اليمن في 30 نوفمبر 1967 حيث انهارات الكيانات المكونة لهذه المحمية مع حكامها .

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com